للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا لَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ مَيْتًا ثُمَّ ذُبِحَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَمْ يَحِلَّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْحِلِّ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ مَوْتُهُ فَلَوْ ضَرَبَ حَامِلًا عَلَى بَطْنِهَا وَكَانَ الْجَنِينُ مُتَحَرِّكًا فَسَكَنَ حِينَ ذُبِحَتْ أُمُّهُ فَوُجِدَ مَيْتًا لَمْ يَحِلَّ. وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ لِأَنَّ خُرُوجَ بَعْضِهِ كَعَدَمِ خُرُوجٍ فِي الْغُرَّةِ وَنَحْوِهَا فَيَحِلُّ إذَا مَاتَ عَقِبَ خُرُوجِهِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِنْ صَارَ بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تُخَطَّطْ الْمُضْغَةُ لَمْ تَحِلَّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ لَوْ كَانَتْ مِنْ آدَمِيٍّ وَلَوْ كَانَ لِلْمُذَكَّاةِ عُضْوٌ أَشَلُّ حَلَّ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا. (وَمَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ) أَيْ فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ: «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ فَجُزْءُ الْبَشَرِ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرٌ دُونَ جُزْءِ غَيْرِهَا. (إلَّا الشُّعُورَ) السَّاقِطَةَ مِنْ الْمَأْكُولِ وَأَصْوَافَهُ وَأَوْبَارَهُ (الْمُنْتَفَعَ بِهَا فِي الْمَفَارِشِ وَالْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعَاتِ فَطَاهِرَةٌ. قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠] وَخَرَجَ بِالْمَأْكُولِ نَحْوُ شَعْرِ غَيْرِهِ فَنَجِسٌ وَمِنْهُ نَحْوَ شَعْرِ عُضْوٍ أَبَيْنَ مِنْ مَأْكُولٍ لِأَنَّ الْعُضْوَ صَارَ غَيْرَ مَأْكُولٍ.

تَتِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالصَّيْدِ: لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا وَسَهْمًا فَأَزْمَنَهُ الْكَلْبُ ثُمَّ ذَبَحَهُ السَّهْمُ حَلَّ. وَإِنْ أَزْمَنَهُ السَّهْمُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْكَلْبُ حَرُمَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَبَحَ هَذِهِ الشَّاةَ مَثَلًا حَلَّ أَكْلُهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسٌ وَمُسْلِمُونَ وَجُهِلَ ذَابِحُ الْحَيَوَانِ. هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ؟ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لِلشَّكِّ فِي الذَّبْحِ الْمُبِيحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ كَمَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ وَفِي مَعْنَى الْمَجُوسِيِّ كُلُّ مَنْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ.

فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

جَمْعُ طَعَامٍ أَيْ بَيَانُ مَا يَحِلَّ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ إذْ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا مِنْ الْمُهِمَّاتِ لِأَنَّ فِي تَنَاوُلِ الْحَرَامِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ مَيِّتًا وَاضْطَرَبَ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ سَكَنَ لَمْ يَحِلَّ، أَوْ سَكَنَ عَقِبَهُ حَلَّ. كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَيْ الْجُوَيْنِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ اهـ. كَلَامُهُ وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَضْعِيفَ ق ل لِكَلَامِ الشَّارِحِ غَيْرُ سَدِيدٍ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَضَابِطُ حِلِّ الْجَنِينِ أَنْ يُنْسَبَ مَوْتُهُ إلَى تَذْكِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ يَمُوتَ بِتَذْكِيَتِهَا أَوْ يَبْقَى عَيْشُهُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ عَيْشَ مَذْبُوحٍ ثُمَّ يَمُوتُ أَوْ يُشَكُّ هَلْ مَاتَ بِالتَّذْكِيَةِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حِلِّهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ اهـ. فَخَرَجَ مَا لَوْ تَحَقَّقْنَا مَوْتَهُ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا وَمَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ ذُكِّيَتْ وَمَا اضْطَرَبَ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ تَذْكِيَتِهَا زَمَانًا طَوِيلًا أَوْ تَحَرَّكَ تَحَرُّكًا شَدِيدًا ثُمَّ سَكَنَ ثُمَّ ذُكِّيَتْ. قَوْلُهُ: (إذَا مَاتَ عَقِبَ خُرُوجِهِ) أَيْ وَكَانَ ذَبْحُ أُمِّهِ بَعْدَ خُرُوجِ رَأْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا كِتَابُ الطَّهَارَةِ فَذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادٌ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْبَارُهُ) وَكَذَا رِيشُهُ وَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُلْقًى عَلَى الْمَزَابِلِ أَوْ فِي الْكِيمَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (أَثَاثًا) وَهِيَ أَمْتِعَةُ الْبَيْتِ وَالْمَتَاعُ أَعَمُّ.

قَوْلُهُ: (تَتَعَلَّقُ بِالصَّيْدِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالذَّبْحِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ) لِأَنَّهُ بِإِزْمَانِ السَّهْمِ لَهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ.

[فَصْلٌ فِي الْأَطْعِمَةِ]

ِ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَتْنَ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْأَطْعِمَةِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ مَا يَحِلُّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يَحِلُّ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَطْعِمَةِ هِيَ الْحَيَوَانَاتُ وَسَمَّاهَا أَطْعِمَةً بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ أَوْ أَنَّهُ غَلَّبَ الْأَطْعِمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>