للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ فِي الْأَخْذِ فَكَذَا فِي الْإِعْطَاءِ وَقَدْ يَمْلِكُ نِصَابًا وَلَا يَفِي دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ فَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَلَهُ أَخْذُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ خَلَا النِّصَابَ عَنْهَا بِلَا بَدَلٍ وَالتَّكْفِيرُ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الصَّوْمُ وَلَا يَجِبُ تَتَابُعٌ فِي الصَّوْمِ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، كَمَا أَوْجَبْنَا قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ الْيُمْنَى بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا} أُجِيبَ بِأَنَّ آيَةَ الْيَمِينِ نَسَخَتْ مُتَتَابِعَاتٍ تِلَاوَةً وَحُكْمًا فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا بِخِلَافِ آيَةِ السَّرِقَةِ فَإِنَّهَا نُسِخَتْ تِلَاوَةً لَا حُكْمًا.

تَتِمَّةٌ: إنْ كَانَ الْعَاجِزُ أَمَةً تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا لَمْ تَصُمْ إلَّا بِإِذْنِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ أَمَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ وَعَبْدٍ وَالصَّوْمُ يَضُرُّ غَيْرَهَا فِي الْخِدْمَةِ وَقَدْ حَنِثَ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ لَا يَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَلِفِ لِحَقِّ الْخِدْمَةِ. فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحِنْثِ صَامَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْحَلِفِ فَالْعِبْرَةُ فِي الصَّوْمِ بِلَا إذْنٍ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا بِالْحِنْثِ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْحَلِفِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفِّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ وَلَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ لِيَسَارِهِ لَا عِتْقَ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ مِنْك الْوَلَاءَ الْمُتَضَمِّنَ لِلْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ مَالِكٌ بَعْضِهِ إذَا عَتَقْت عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ مَعَهُ فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ.

فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ جَمْعُ نَذْرٍ وَهُوَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَحُكِيَ فَتْحُهَا لُغَةً الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَشَرْعًا الْوَعْدُ بِخَيْرٍ خَاصَّةً قَالَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَفْضُلُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ كِفَايَةِ بَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَخْذُهَا) أَيْ وَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) أَيْ بَابِ الزَّكَاةِ حَيْثُ قُلْتُمْ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ الَّذِي عِنْدَهُ وَبَابُ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ قُلْتُمْ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ لَا بِالْمَالِ وَمُقْتَضَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ الْمَالَ.

قَوْلُهُ: (نُسِخَتْ) أَيْ نُسِخَ مِنْهَا مُتَتَابِعَاتٍ فَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَمَةٍ لَا تَحِلُّ) بِأَنْ كَانَتْ مَحْرَمًا أَوْ مُشْتَرَكَةً.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَمَةَ إنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَا يَجُوزُ الصَّوْمُ مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ أَوْ كَانَ مَنْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ ذَكَرًا تَوَقَّفَ الصَّوْمُ، عَلَى الْإِذْنِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَضُرَّ السَّيِّدَ فِي الْخِدْمَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْحِنْثُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ. وَأَخْذُ الشَّارِحِ، مُحْتَرَزُ الْقَيْدَيْنِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّوْمُ) أَيْ وَالْحَالُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالصَّوْمُ يَضُرُّهُ أَيْ غَيْرُهَا فِي الْخِدْمَةِ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ. فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ إيهَامٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) غَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (لِلْوِلَايَةِ) أَيْ وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ.

[فَصْلٌ فِي النُّذُورِ]

ِ جَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا. قَوْلُهُ: (وَحُكِيَ فَتْحُهَا) وَيَكُونُ مَصْدَرًا سَمَاعِيًّا بِخِلَافِ السُّكُونِ يَكُونُ مَصْدَرًا قِيَاسِيًّا وَهُوَ مِنْ نَذَرَ يَنْذُرُ بِضَمِّ عَيْنِ الْمُضَارِعِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ ز ي.

قَوْلُهُ: (الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ) وَاسْتِعْمَالُ الْوَعْدِ فِي الشَّرِّ لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْوَعْدَ فِي الْخَيْرِ وَالْإِيعَادَ فِي الشَّرِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ:

وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْته أَوْ وَعَدْته ... لَمُخْلِفُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي

وَصَرَّحَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ بِأَنَّ الْوَعْدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مُقَيَّدًا فَيُقَالُ: وَعَدَهُ خَيْرًا وَوَعَدَهُ شَرًّا وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيُسْتَعْمَلُ الْوَعْدُ فِي الْخَيْرِ وَالْإِيعَادُ فِي الشَّرِّ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْعًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>