للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ بِهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، فَلَيْسَ لَهُ إمْضَاؤُهُ إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ قَاضِي بَلَدِ الْحَاضِرِ وَهُوَ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ لِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ حَكَمْتُ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ الَّذِي بِبَلَدِك نَفَّذَهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَالْإِنْهَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ بِحُكْمٍ يَمْضِي مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِفَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَالْإِنْهَاءُ بِسَمَاعِ حُجَّةٍ يُقْبَلُ فِيمَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَا فِيمَا دُونَهُ وَفَارَقَ الْإِنْهَاءَ بِالْحُكْمِ بِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْعِبْرَةُ بِالْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمَنْهِيِّ وَالْغَرِيمِ وَمَسَافَةُ الْعَدْوَى مَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَحَلِّهِ يَوْمَهُ الْمُعْتَدِلَ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعَدِّي أَيْ يُعَيِّنُ مَنْ طَلَبَ خَصْمًا مِنْهَا عَلَى إحْضَارِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ عَسُرَ إحْضَارُ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ بِنَحْوِ مَرَضٍ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ.

فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ مِنْ بَعْضٍ وَالْقَسَّامُ الَّذِي يَقْسِمُ الْأَشْيَاءَ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ لَبِيدٌ

فَارْضَ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الْمَعِيشَةَ بَيْنَنَا قَسَّامُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

عِشْرِينَ سَنَةً فَهَذَا لَمْ يُمْكِنْ مُعَامَلَتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) وَهُوَ الْمَنْهِيُّ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: بِبَلَدِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الْمَنْهِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي حَكَمَ لِلْمُدَّعِي. فَأَلْ اسْمٌ مَوْصُولٌ وَقَوْلُهُ: الْحَاضِرِ صِفَةٌ لِلْمُدَّعِي.

قَوْلُهُ: (فَشَافَهَهُ) أَيْ خَاطَبَهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ. أَيْ شَافَهَ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَيَشْمَلُ الشَّادَّ إنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِي الْإِنْهَاءِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وحج.

قَوْلُهُ: (أَمْضَاهُ) أَيْ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْإِمْضَاءُ وَقَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ شَافَهَهُ.

قَوْلُهُ: (قَضَاءً بِعِلْمِهِ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ) . مَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِبَلَدِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ عَمَلِهِ) أَيْ الْمُخْبِرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ: إذَا عَادَ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ فِي غَيْرِهَا فَلَا يَنْفُذُ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ كَالْمَعْزُولِ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ إمْضَاؤُهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ إمْضَاؤُهُ أَيْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ أَيْ الْمُخْبِرِ بِالْكَسْرِ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَهُوَ كَالْإِخْبَارِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا يُفِيدُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا بِالْحُكْمِ وَالْمَنْهِيُّ لَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، لَمْ يَحْكُمْ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِأَنَّ إخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ اهـ بِالْحَرْفِ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِنْهَاءُ) أَيْ الْمَنْهِيُّ وَالْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ أَيْ الْحُكْمُ الْمَنْهِيُّ.

قَوْلُهُ: (يَمْضِي مُطْلَقًا) أَيْ يَنْفُذُ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِنْهَاءُ بِسَمَاعِ حُجَّةٍ) بِأَنْ أَنْهَى لَهُ أَنَّهُ سَمِعَ حُجَّةً تَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ الذِّمِّيِّ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (مَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ هِيَ الَّتِي لَوْ خَرَجَ مِنْهَا بُكْرَةً لِبَلَدِ الْحَاكِمِ لَرَجَعَ إلَيْهَا يَوْمَهُ بَعْدَ فَرَاغِ زَمَنِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ وَتَعْدِيلِهَا وَالْعِبْرَةُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ لِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (مُبَكِّرٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ شَخْصٌ مُبَكِّرٌ أَيْ خَرَجَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقَوْلُهُ: يَوْمَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهَا وَيَرْجِعَ فِي يَوْمٍ. قَوْلُهُ: (يُعْدِي) : مِنْ الْإِعْدَادِ أَيْ يُعِينُ مِنْ الْإِعَانَةِ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى إحْضَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُعِينُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ: إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ.

[فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (وَهِيَ تَمْيِيزُ) : أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا، فَهُوَ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيَّ وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَمُطْلَقُ التَّمْيِيزِ وَأُدْرِجَتْ فِي الْقَضَايَا لِاحْتِيَاجِ الْقَاضِي إلَيْهَا وَلِأَنَّ الْقَاسِمَ كَالْقَاضِي فِي وُجُوبِ امْتِثَالِ " قِسْمَتِهِ. وَاعْلَمْ: أَنَّ قِسْمَةَ الْإِفْرَازِ ضَابِطُهَا أَنْ تَكُونَ فِي مُسْتَوِي الْأَجْزَاءِ صُورَةً وَقِيمَةً مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا. وَضَابِطُ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ أَنْ تَكُونَ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>