للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَطْلَقَ فَلَا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدَّقَائِقِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِحُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ غُسْلُ الْفَرْجِ، وَالْوُضُوءُ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالْجِمَاعِ، وَلِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا.

فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ (وَفَرَائِضُ الْغُسْلِ) وَلَوْ مَسْنُونًا (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلَةٍ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَفَرْضَانِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ لَهُمَا بِغَسْلَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَيْ رَفْعَ حُكْمِهَا إنْ كَانَ جُنُبًا وَرَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ إنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ لِتُوطَأَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، فَلَوْ نَوَى شَخْصٌ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَحَدَثُهُ الْحَيْضُ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ نَوَى رَفْعَ جَنَابَةِ الْجِمَاعِ وَجَنَابَتُهُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ عَكْسِهِ صَحَّ مِنْ الْغَلَطِ دُونَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رَبِّ الْأَرْبَابِ فَقَالَ: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: ١٤] رَاجِعُونَ إلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ اتَّصَلَ بِهِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ أَنْ يَكُونَ حَامِلًا لَهُ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ فِي رُكُوبِهِ وَمَسِيرِهِ. اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا) أَيْ لَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ إلَّا بِالْقَصْدِ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قُرْآنٌ وَالْجَنَابَةُ صَارِفَةٌ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ فَقَطْ كَالْجَنَابَةِ أَيْ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ أَيْ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَصْدِ الذِّكْرِ بِالْقِرَاءَةِ مُلَاحَظَةُ الذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَةِ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ، أَوْ يَكْفِي قَصْدُ الذِّكْرِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِي الْأَثْنَاءِ؟ . فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَدَمُ مُلَاحَظَةِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مُبْطِلٌ لَهَا لِشَبَهِهِ بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. وَعِنْدَ قَصْدِ الذِّكْرِ يَحْرُمُ اللَّحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ لَمْ تَخْرُجْ بِهِ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَلِلْحَائِضِ) أَيْ وَيُسَنُّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهِمَا غَسْلُ الْفَرْجِ وَمَا بَعْدَهُ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ]

ِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

قَوْلُهُ: (فَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النِّيَّاتِ لِلْجُنُبِ خَمْسَةَ عَشْرَ. أَرْبَعٌ مِنْهَا تَصِحُّ مَعَ الْغَلَطِ، وَالْبَاقِي يَصِحُّ مَعَ الْعَمْدِ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ النِّيَّاتِ لِلْحَائِضِ سَبْعَةَ عَشْرَ. وَاحِدَةٌ مِنْهَا تَصِحُّ مَعَ الْغَلَطِ، وَالْبَاقِي يَصِحُّ مَعَ الْعَمْدِ، فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَيْ رَفْعَ حُكْمِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، وَلَا تُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَهَا، وَهُوَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ الَّذِي يَقُومُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ أَيْ إذَا نَوَى الْمُغْتَسِلُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ، بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ، كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعَ حُكْمِ الْحَدَثِ وَرَفْعَ حُكْمِ الْجَنَابَةِ، لَا رَفْعَ نَفْسِ الْحَدَثِ وَلَا رَفْعَ نَفْسِ الْجَنَابَةِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ هُنَا وَالْجَنَابَةَ مَحْمُولٌ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى نَفْسِ الْمُوجِبَاتِ لِلْغُسْلِ، وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُمَا فَكَانَ قَوْلُ الْمُغْتَسِلِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ. الْمُرَادُ مِنْهُ رَفْعُ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْجَنَابَةِ نَفْسَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ حُكْمِ الْحَدَثِ هُوَ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْغُسْلِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ، فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْغُسْلِ، وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَدَثِ، وَحُكْمُ الْجَنَابَةِ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ اهـ. ح ل. فَإِذَا أَرَادَ بِالْمُوجِبِ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ يَرْتَفِعُ بِالْغُسْلِ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ حَائِضًا) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لِتُوطَأَ) أَيْ أَوْ الْغُسْلَ لِتُوطَأَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ مُحَرَّمًا، وَهُوَ كَذَلِكَ شَرْحُ م ر. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ الْغُسْلَ لِتُوطَأَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْغُسْلَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى رَفْعَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا نَوَاهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ مِنْهُ كَنِيَّةِ الرَّجُلِ رَفْعَ حَدَثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>