للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُمَا صَلَّى كُلًّا مِنْهُنَّ بِتَيَمُّمٍ أَوْ صَلَّى أَرْبَعًا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِتَيَمُّمٍ، وَأَرْبَعًا لَيْسَتْ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَيْ: الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ بِتَيَمُّمٍ آخَرَ، فَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ أَوْ نَسِيَ مِنْهُنَّ مُتَّفِقَتَيْنِ، أَوْ شَكَّ فِي اتِّفَاقِهِمَا، وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُمَا، وَلَا تَكُونُ الْمُتَّفِقَتَانِ إلَّا مِنْ يَوْمَيْنِ فَيُصَلِّي الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ.

تَتِمَّةٌ: عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَهُمَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ كَمَحْبُوسٍ بِمَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ، يَلْزَمُهُ الْوَقْتُ، وَيُعِيدُ إذَا وَجَدَ أَحَدَهُمَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ بِهِ فِي مَحَلٍّ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَلَّاهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ مُخْتَلِفَتَيْنِ) أَيْ فِي الِاسْمِ، وَإِنْ تَوَافَقَا عَدَدًا كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ. وَقَوْلُهُ: (صَلَّى كُلًّا مِنْهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ بِتَيَمُّمٍ أَيْ فَيُصَلِّي الْخَمْسَ بِخَمْسِ تَيَمُّمَاتٍ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ يَتَيَمَّمْنَ وَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاصِّ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُصُّ الْقَصَصَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ صَلَّى أَرْبَعًا إلَخْ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَاسْتَحْسَنَهَا الْأَصْحَابُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا أَدَقُّ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لِعَدَمِ إعَادَةِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا بِخِلَافِ طَرِيقَةِ ابْنِ الْقَاصِّ فَإِنَّ فِيهَا الْإِعَادَةَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ) وَوَجْهُ الْبَرَاءَةِ بِيَقِينٍ أَنَّ الْمَنْسِيَّتَيْنِ إمَّا الظُّهْرُ وَالصُّبْحُ، أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ الْأُخَرِ، أَوْ هُمَا مِنْ الثَّلَاثِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ، وَفِي ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ ثَلَاثَ تَيَمُّمَاتٍ وَيُصَلِّي بِكُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ ضَابِطَهَا أَنْ يَتَيَمَّمَ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ وَيُصَلِّيَ بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ مَعَ زِيَادَةِ صَلَاةٍ وَيَتْرُكَ الْمَبْدُوءَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَيُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ بِتَيَمُّمٍ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِتَيَمُّمٍ ثَانٍ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِآخَرَ، وَالضَّابِطُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِقَدْرِ الْمَنْسِيِّ وَيُصَلِّيَ بِعَدَدِ مَا يَبْقَى بَعْدَ ضَرْبِ الْمَنْسِيِّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَزِيَادَةِ عَدَدِ الْمَنْسِيِّ عَلَى ذَلِكَ الْحَاصِلِ وَضَرْبِ الْمَنْسِيِّ فِي نَفْسِهِ وَإِسْقَاطِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ، فَفِي مَسْأَلَتِنَا، وَهِيَ نِسْيَانُ صَلَاتَيْنِ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ اثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِي نَفْسِهِمَا يَحْصُلُ أَرْبَعَةٌ، وَتُسْقِطُ هَذَا الْحَاصِلَ مِنْ ذَلِكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشَرَ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ عَدَدُ مَا يُصَلَّى. اهـ. م ر.

[تَتِمَّةٌ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ]

قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ) لَوْ قَدَّمَ لَفْظَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ عَلَى الطَّهُورَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ صَنِيعَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا طَهُورَانِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ مُسْتَعْمَلَيْنِ أَوْ مُتَنَجِّسَيْنِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَعَلَى فَاقِدِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ الطَّهُورَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُصَلِّيَ) أَيْ، عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهِيَ صَلَاةٌ حَقِيقِيَّةٌ يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَيُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ غَيْرَهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا بِلَا عُذْرٍ، نَعَمْ تَبْطُلُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْفَرْضُ) أَيْ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ الْمُؤَقَّتَةُ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْهَا إلَّا نَحْوَ السُّورَةِ لِلْجُنُبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَلَا تَجُوزُ الْمَنْدُوبَاتُ فِيهَا كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَّا تَبَعًا لِإِمَامِهِ فِيهِمَا، وَدَخَلَ فِي الْفَرْضِ الْجُمُعَةُ فَتَلْزَمُهُ، وَإِنْ وَجَبَ إعَادَتُهَا ظُهْرًا، وَلَا يَتِمُّ بِهِ الْعَدَدُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ فَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. اهـ. ق ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَا فِيهِ أَوْ وَجَدَهُمَا، وَمَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا مَانِعٌ مِنْ نَحْوِ عَطَشٍ فِي الْمَاءِ أَوْ نَدَاوَةٍ فِي التُّرَابِ مَانِعَةٍ مِنْ وُصُولِ الْغُبَارِ لِلْعُضْوِ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ بِنَحْوِ نَارٍ لَزِمَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ الْأَدَاءَ، وَيُعِيدَ، وَلَوْ جُمُعَةً فِي الْأَظْهَرِ، لَكِنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِنَقْصِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَصَلَاتُهُ مُتَّصِفَةٌ بِالصِّحَّةِ فَتَبْطُلُ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ ضِيقُ الْوَقْتِ، بَلْ إنَّمَا تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ، وَالثَّانِي تَجِبُ الصَّلَاةُ بِلَا إعَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ.

أَمَّا فَاقِدُ السُّتْرَةِ فَلَهُ التَّنَفُّلُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي، وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ هُنَا الْقَضَاءُ اهـ بِاخْتِصَارِ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ أَيْ فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَجَبَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ فِي يَدَيْهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَرَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ جِرَاحَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>