للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَجْدَةِ الشُّكْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الصَّدَقَةُ، وَلَوْ تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ حَرُمَ. وَمِمَّا يَحْرُمُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ وَلَوْ إلَى الْقِبْلَةِ، أَوْ قَصَدَهُ لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ.

فَصْلٌ: فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا السُّنَنُ أَبْعَاضٌ وَهِيَ الَّتِي تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَهَيْئَاتٌ وَهِيَ لَا تُجْبَرُ. وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا كَالطُّهْرِ وَالسِّتْرِ. وَالرُّكْنُ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَالرُّكُوعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التِّلَاوَةِ)

وَتَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَالْإِعْرَاضِ وَلَوْ مَعَ قِصَرِهِ وَلَا تُقْضَى إنْ فَاتَتْ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ وَلَوْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ كَعَاصٍ فَيَسْجُدُ كُلَّمَا رَآهُ وَلَهُ جَمْعُ أَسْبَابٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ، وَفَارَقَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّدَاخُلِ قَالَهُ ق ل. وَالْحَلَبِيُّ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاك بِهِ وَفَضَلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سِرًّا، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ طُولَ عُمْرِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَفْرَحُونَ بِالْمَصَائِبِ نَظَرًا إلَى ثَوَابِهَا، فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَفْرَحَ بِالْمَرَضِ كَمَا يَفْرَحُ بِالصِّحَّةِ وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَيَّامِ الْبَلَاءِ وَأَيَّامِ الرَّخَاءِ، فَمَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَمْرًا إلَّا وَكَانَتْ لَهُ الْخِيرَةُ فِيهِ وَالشُّكْرُ قَيْدُ النِّعَمِ الْمَوْجُودَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا وَصَيْدُ النِّعَمِ الْمَفْقُودَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧] وَأَوْحَى اللَّهُ إلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ: أَنْزَلْت بِعَبْدِي بَلَائِي فَدَعَانِي فَمَاطَلْته بِالْإِجَابَةِ فَشَكَانِي فَقُلْت عَبْدِي كَيْفَ أَرْحَمُك مِنْ شَيْءٍ بِهِ أَرْحَمُك؟ وَلِذَا قِيلَ:

وَإِذَا بُلِيت بِعُسْرَةٍ فَاصْبِرْ لَهَا ... صَبْرَ الْكِرَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْزَمُ

لَا تَشْكُوَنَّ إلَى الْعِبَادِ فَإِنَّمَا ... تَشْكُو الرَّحِيمَ إلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ

قَوْلُهُ: (وَلِمُسَافِرٍ فِعْلُهُمَا) أَيْ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا.

قَوْلُهُ: (بِسَجْدَةٍ) أَيْ أَوْ بِرُكُوعٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ) أَيْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالسَّهْوِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ السَّجْدَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَمِثْلُ السَّجْدَةِ رُكُوعٌ مُنْفَرِدٌ وَنَحْوُهُ فَيَحْرُمُ التَّقَرُّبُ بِهِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (مِنْ السُّجُودِ إلَخْ) هَلْ مِثْلُهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الِانْحِنَاءِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَقْرُبُ إلَى السُّجُودِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ اهـ ع ش بِحُرُوفِهِ. وَأَمَّا تَقْبِيلُ أَعْتَابِ الْمَشَايِخِ فَمُسْتَحَبٌّ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدَهُ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ؛ لِأَنَّهَا سَجْدَةٌ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ.

قَوْلُهُ: (مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ) أَيْ إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهُ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. ق ل وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

فَصْلٌ: فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَيْ شُرُوطِ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلِ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ فِي قَوْلِهِ: وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْخُلُوُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَالثَّانِي: شُرُوطُ أَدَاءً وَهُوَ شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الشَّرَائِطُ؛ لِأَنَّ الشَّرَائِطَ جَمْعُ شَرِيطَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ اهـ. ع ش عَلَى الْغَزِّيِّ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيُتَرْجِمُ كُلًّا مِنْهُمَا بِفَصْلٍ مُسْتَقِلٍّ، فَهَذَا الْفَصْلُ خَاصٌّ بِالشُّرُوطِ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا مُطْلَقُ الصَّلَاةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَكْسُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ فَصْلٌ وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ إلَخْ. فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَاكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرٌ فِي قَوْلِهِ: وَاَلَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>