للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا آخَرَ، وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةَ لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَلَا يَصْمُدُ إلَيْهَا بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.

فَصْلٌ: فِيمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَمَا يَجِبُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَبَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَعَدَدُ رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ غَيْرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَسَفَرِ الْقَصْرِ (سَبْعَةَ عَشَرَ رَكْعَةً) قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ زَمَنَ الْيَقِظَةِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ سَاعَةً، فَإِنَّ النَّهَارَ الْمُعْتَدِلَ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً، وَسَهَرُ الْإِنْسَانِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ وَمِنْ آخِرِهِ سَاعَتَانِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَجُعِلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَةٌ. اهـ. . (وَفِيهَا) أَيْ الْفَرَائِضِ (أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ سَجْدَةً) لِأَنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ (وَ) فِيهَا (أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ تَكْبِيرَةً) بِتَقْدِيمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي بِأَنْ وَقَفَ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ الْمُعْتَقِدِ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ، وَلَوْ بِبَعْضِ بَدَنِهِ كَيَدِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ تَمْكِينُ مُوَلِّيهِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّ رِجْلَيْهِ وَاضْطِجَاعُهُ، فَكُلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَبَائِرِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» . اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. نَعَمْ قَدْ يَضْطَرُّ الْمَارُّ إلَى الْمُرُورِ كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ طَرِيقًا إلَى إنْقَاذِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ ضَاقَ وَقْتُ عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يُصَلِّي فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتٍ إلَّا بِالْمُرُورِ أَمَامَهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (أَوْ شِمَالِهِ) وَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ الشَّيْطَانِ، وَهُوَ يَجِيءُ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ وَقَالَ ع ش: الْأَوْلَى عَنْ يَمِينِهِ لِشَرَفِ الْيَمِينِ قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا» . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَمَامِ الْوَجْهِ فِي الْحَدِيثِ مَا قَابَلَ الْخَلْفَ.

[فَصْلٌ فِيمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ]

ُ لَوْ قَالَ: فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ لَكَانَ أَنْسَبَ إذْ الْمُشْتَمِلُ وَالْمُشْتَمَلُ عَلَيْهِ وَاحِدٌ لَكِنَّ التَّغَايُرَ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ كَافٍ، وَالْقَصْدُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا، وَالْحَثُّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْكَيْفِيَّةِ ق ل. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: أَرَادَ بِالْمُشْتَمِلِ الْكُلَّ وَبِالْمُشْتَمَلِ عَلَيْهِ الْأَجْزَاءَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: اشْتَمَلَ زَيْدٌ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ: كَيْفُ يَدَّعِي أَنَّ الصَّلَاةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَجْزَائِهَا مَعَ أَنَّهَا عَيْنُ أَجْزَائِهَا؟ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْفَصْلَ لِزِيَادَةِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْمُبْتَدِئِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَغَالِبُ هَذَا الْفَصْلِ خَلَتْ عَنْهُ غَالِبُ الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ.

قَوْلُهُ: (سَبْعَةَ عَشَرَ إلَخْ) صَوَابُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ مَذْكُورٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ النَّهَارَ الْمُعْتَدِلَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اعْتِدَالَ النَّهَارِ فِي يَوْمَيْنِ فِي السَّنَةِ فَقَطْ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَسَهَرُ الْإِنْسَانِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَعْضِ نَاسٍ قَلِيلِينَ وَأَيْضًا كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ النَّهَارِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ اللَّيْلِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْفَلَكِ لِأَنَّ اللَّيْلَ عِنْدَهُمْ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا، فَهَذِهِ الْحِكْمَةُ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ. وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: فَإِنَّ النَّهَارَ الْمُعْتَدِلَ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُعْتَدِلِ يُفِيدُ اخْتِصَاصَ الْحِكْمَةِ بِالنَّهَارِ الْمُعْتَدِلِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ إطْرَادُهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ، فَلَوْ حَذَفَ الْمُعْتَدِلَ لَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّاعَاتُ الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا اهـ. قَالَ م د: أَقُولُ كَلَامُ الشَّارِحِ أَضْبَطُ وَأَوْلَى فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إرَادَةِ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةِ، وَبِالنَّظَرِ لَهَا يَتَعَيَّنُ زِيَادَةُ الْمُعْتَدِلِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَوْلُهُ: (إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ) كَانَ الْوَجْهُ إسْقَاطَهُ ق ل. لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَمِنْ آخِرِهِ قَوْلُهُ: (فَجُعِلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَةٌ) لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِهَا فَتَكُونُ السَّبْعَةَ عَشَرَ مُكَفِّرَةً لِمَا يَقَعُ فِي زَمَنِ الْيَقِظَةِ مِنْ الذُّنُوبِ.

قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَلَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النَّوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ النَّائِمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ وُقُوعُ ذَنْبٍ فِي حَالَةِ النَّوْمِ قَوْلُهُ: (أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ تَكْبِيرَةً) لِأَنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ سُنَّةً، وَتَكْبِيرَاتُ التَّحَرُّمِ خَمْسٌ فَرْضٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>