للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي نُهُوضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ، فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ، وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَجَبَ الْقِيَامُ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ عَنْ قِيَامٍ، فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ، وَلَوْ قَدَرَ فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا فِي مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ. وَقَضِيَّةُ الْمُعَلِّلِ جَوَازُ الْقِيَامِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ، فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. فَائِدَةٌ: سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ رَجُلٍ يَتَّقِي الشُّبُهَاتِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَأْكُولٍ يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ فَضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْقِيَامِ فِي الْفَرَائِضِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي وَرَعٍ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَصْلٌ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُصَلِّي مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا قَوْلُهُ: (وَلَا تُجْزِئُهُ قِرَاءَتُهُ فِي نُهُوضِهِ) أَيْ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ مَعَ الْعَجْزِ وَكَذَا فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ. فَإِنْ قُلْت: يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ فِي نُهُوضِهِ قَاعِدًا صَحَّ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَرَّطَ نَفْسَهُ بِالْقِيَامِ فِيهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِحْرَامِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ) أَيْ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ وَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَهُوَ هَاوٍ لِلْقُعُودِ قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِيَامُ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ اطْمَأَنَّ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِيهِ لَا يَضُرُّ م ر. وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إلَخْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَوْ اطْمَأَنَّ وَأَعَادَ الْفَاتِحَةَ كَانَ أَكْمَلَ، وَلَوْ تَرَكَ الْقِيَامَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَكِنْ لَا تُحْسَبُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ فِيهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ تَرَكَ فِيهِ وَاجِبًا لَزِمَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْقِيَامُ غَيْرُ مَقْصُودٍ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقِيَامِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ) تَعْبِيرُهُ بِلَا يَلْزَمُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا لِيَرْكَعَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ رُكُوعٍ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ وَالْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاعْتِدَالُ لِيَسْجُدَ مِنْهُ قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِيَامُ لِلْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) وَهُوَ أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوْجَهُ) فِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يَطُلْ بَلْ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّ اعْتِدَالَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ ق ل. وَكَتَبَ أج عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: وَهُوَ أَوْجَهُ مُعْتَمَدٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْبُطْلَانِ بِمَا إذَا طَالَ بِهِ الْجُلُوسُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ جِلْسَةٌ يَسِيرَةٌ بَيْنَ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ اهـ. حَجّ. اهـ. ز ي.

وَالْقُنُوتُ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ هُنَا لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ وَالْعَمْدِ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اهـ اج.

[فَصْلٌ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

ِ قَوْلُهُ: (فِي سُجُودِ السَّهْوِ) مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَيْ سُجُودٌ سَبَبُهُ السَّهْوُ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ عَمْدًا لِأَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي جَبْرِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، وَالْمُرَادُ فِي أَسْبَابِهِ وَحُكْمِهِ وَمَحَلِّهِ.

وَأَسْبَابُهُ خَمْسَةٌ، أَحَدُهَا تَرْكُ بَعْضٍ. ثَانِيهَا: سَهْوُ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ فَقَطْ. ثَالِثُهَا: نَقْلٌ قَوْلِيٌّ غَيْرُ مُبْطِلٍ. رَابِعُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>