للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَفَعَلَهُ قَبْلَ السَّلَامِ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ يَتَعَدَّدُ سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً كَمَا لَوْ سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ وَسَجَدُوا لِلسَّهْوِ فَبَانَ فَوْتُهَا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا وَسَجَدُوا ثَانِيًا آخِرَ الصَّلَاةِ لَتَبَيَّنَ أَنَّ السُّجُودَ الْأَوَّلَ لَيْسَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُ السَّهْوِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ زَادَ سَجْدَتَيْنِ سَهْوًا، وَلَوْ سَجَدَ فِي آخِرِ صَلَاةٍ مَقْصُورَةٍ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ سَجَدَ ثَانِيًا فَهَذَا مِمَّا يَتَعَدَّدُ فِيهِ السُّجُودُ صُورَةً لَا حُكْمًا. تَتِمَّةٌ: لَوْ نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ رُكْنًا وَسَلَّمَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا ثُمَّ أَحْرَمَ عَقِبَهَا بِأُخْرَى لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْأُولَى، فَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[حُكْمُ سُجُود السَّهْو وَمَحَلُّهُ]

قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ السَّلَامِ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ إنْ كَانَ عَنْ نُقْصَانٍ فَقَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ زِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ نُقْصَانٍ وَزِيَادَةٍ فَقَبْلَهُ وَكَوْنُهُ قَبْلَ السَّلَامِ هُوَ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ وَأَنَّهُ يُمْتَنَعُ خِلَافُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي الْفَضِيلَةِ لَا فِي الْجَوَازِ. وَمُقَابِلُ الْجَدِيدِ عِنْدَنَا قَدِيمَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ سَهَا بِنَقْصٍ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَإِنْ قِيلَ: الْأَصْلُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ أَحْكَامٌ لِلشَّرْعِ عَنْ عِلَلِهَا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يُرَاعَ هَذَا الْأَصْلُ هُنَا حَيْثُ أَخَّرَ السُّجُودَ عَنْ زَمَانِ الْعِلَّةِ وَهُوَ السَّهْوُ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ؟ قُلْت: نَعَمْ لَكِنْ تُرِكَ تَحَرُّزًا عَنْ التَّكْرَارِ لِأَنَّهُ إذَا سَجَدَ حَيْثُ وَقَعَ السَّهْوُ لَرُبَّمَا يَسْهُو ثَانِيًا وَثَالِثًا فَيَلْزَمُ تَكْرَارُهُ، وَسُجُودُ السَّهْوِ لَمْ يُشْرَعْ مُكَرَّرًا بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (إذَا قَضَى) أَيْ قَارَبَ قَضَاءَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ قَوْلُهُ: (الزُّهْرِيُّ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ نِسْبَةً إلَى زُهْرَةَ بِوَزْنِ غُرْفَةٍ قَبِيلَةٌ مِنْ الْعَرَبِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ لِلسَّهْوِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَسَجَدَ. ثَانِيًا: أَنَّهُ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَسَجَدَ. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَسَجَدَ. رَابِعُهَا: أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَسَجَدَ. خَامِسُهَا: أَنَّهُ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فَسَجَدَ. اهـ. يِصْرِيٌّ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ

سَجَدَ النَّبِيُّ لِسَهْوِهِ ... خَمْسًا أَتَتْ مِثْلَ الْقَمَرْ

قَدْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرُّكُوعِ ... وَخَامِسٍ فَاقَ الزَّهَرْ

وَأَتَى السَّلَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ ... كَذَا الثَّلَاثُ هِيَ الْغُرُرْ

تَرَكَ التَّشَهُّدَ قَائِمًا ... مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَتَى الْخَبَرْ

وَمِنْ أَحْسَنِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ:

يَا سَائِلِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ سَهَا ... وَالسَّهْوُ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهِي

قَدْ غَابَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِرُّهُ فَسَهَا ... عَمَّا سِوَى اللَّهِ فِي التَّعْظِيمِ لِلَّهِ

قَالَ الشِّهَابُ الْعَبَّادِيُّ: فَإِنْ قُلْت تَسْلِيمُ النَّبِيِّ سَهْوًا مِنْ رَكْعَتَيْنِ مَعَ حُرْمَةِ السَّلَامِ فِي الْفَرْضِ قَبْلَ مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لَهُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الذَّنْبِ سَهْوًا. قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ امْتِنَاعِ وُقُوعِهِ سَهْوًا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّهْوِ تَشْرِيعٌ، أَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيَقَعُ اهـ قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ) وَيَتَعَدَّدُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ شَخْصًا يُكْمِلُ بِالْقَوْمِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ هُوَ وَالْمَأْمُومُونَ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ هُوَ لِمَا عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ أَيْضًا اهـ شَرْحٌ م ر أج قَوْلُهُ: (فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) بِأَنْ أَقَامَ بِالْفِعْلِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ الْإِتْمَامَ فَهُوَ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ قَوْلُهُ: (لَا حُكْمًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>