للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الطَّهَارَةِ] هَذَا كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْكِتَابَ لُغَةً مَعْنَاهُ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ يُقَالُ كَتَبْت كَتْبًا وَكِتَابَةً وَكِتَابًا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَكَتَّبَتْ بَنُو فُلَانٍ إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

[كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ]

لَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ كَمَا ذَكَرَ أَحْكَامَ الطَّهَارَةِ مِنْ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ ذَكَرَ نَفْسَهَا حَيْثُ بَيَّنَ الْوُضُوءَ بِبَيَانِ أَرْكَانِهِ وَسُنَنِهِ، وَبَيَّنَ الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَةِ، أَوْ كَأَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ: كِتَابُ بَيَانِ الطَّهَارَةِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ هُنَا مَعَانِي الْإِضَافَةِ الثَّلَاثَةُ مِنْ وَاللَّامُ وَفِي، أَمَّا مِنْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ الطَّهَارَةِ أَيْ مِنْ أَنْوَاعِهَا نَحْوُ: خَاتَمُ فِضَّةٍ أَيْ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَمَّا اللَّامُ فَالْمَعْنَى هَذَا كِتَابٌ لِلطَّهَارَةِ، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ مُخْتَصٌّ بِالطَّهَارَةِ مِنْ بَيْنِ كُتُبِ الْفِقْهِ لَا يُشَارِكُ الطَّهَارَةَ فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ أَجْنَاسِ الْفِقْهِ، وَأَمَّا " فِي " فَتَقْدِيرُهُ هَذَا كِتَابٌ فِي الطَّهَارَةِ أَيْ مَظْرُوفٌ فِي الطَّهَارَةِ مُنْدَرِجٌ فِي سِلْكِ أَحْكَامِهَا شَوْبَرِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (اعْلَمْ أَنَّ الْكِتَابَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّرَاجِمَ هِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ، وح ف الْمَشْهُورَةُ خَمْسَةٌ: الْكِتَابُ وَالْبَابُ وَالْفَصْلُ وَالْفَرْعُ وَالْمَسْأَلَةُ وَكُلٌّ لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَمَعْنًى اصْطِلَاحِيٌّ فَتِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي، وَقِيلَ أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ، وَقِيلَ لِلْمَعَانِي، وَقِيلَ لِلنُّقُوشِ، وَقِيلَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا، وَقِيلَ لِلثَّلَاثَةِ؛ فَهِيَ سَبْعَةُ احْتِمَالَاتٍ:

الْأَوَّلُ: الْمُخْتَارُ وَتَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ. فَالْبَابُ فُرْجَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَبِالْعَكْسِ. وَالْفَصْلُ الْحَاجِزُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَالْفَرْعُ مَا بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَصْلُ عَكْسُهُ. وَالْمَسْأَلَةُ لُغَة السُّؤَالُ وَعُرْفًا مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ أَيْ يُقَامُ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ أَيْ الدَّلِيلُ أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ، وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَالْحُكْمِ، وَعَلَى الْحُكْمِ فَقَطْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُطْلَبُ بِالدَّلِيلِ فَمَطْلَبٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْحَثُ عَنْهُ فَمَبْحَثٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُدَّعَى فَمُدَّعَى، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْحُجَّةِ فَنَتِيجَةٌ. اهـ. م د. وَأَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ غَالِبًا إلَى خُلُوِّ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ. قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ: الْبَابُ اصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكِتَابِ وَالْفَصْلِ فَإِنْ جَمَعْت الثَّلَاثَةَ قُلْت الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ وَالْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَالْفَصْلُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَسَائِلَ فَالْكِتَابُ كَالْجِنْسِ الْجَامِعِ لِأَبْوَابٍ جَامِعَةٍ لِفُصُولٍ جَامِعَةٍ لِمَسَائِلَ فَالْأَبْوَابُ أَنْوَاعُهُ وَالْفُصُولُ أَصْنَافُهُ وَالْمَسَائِلُ أَشْخَاصُهُ اهـ كَلَامُهُ فَالثَّلَاثَةُ كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ إذَا اجْتَمَعَتْ افْتَرَقَتْ وَإِذَا افْتَرَقَتْ اجْتَمَعَتْ.

قَوْلُهُ: (لُغَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ لُغَةً، أَوْ أَعْنِي لُغَةً أَوْ فِي اللُّغَةِ، فَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ لِلنِّسْبَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ عَلَى الْحَالِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النِّسْبَةِ الْكَلَامِيَّةِ، أَوْ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ عَلَى مَا فِيهِ، لَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّهُ سَمَاعِيٌّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفِينَ يُنْزِلُونَهُ مَنْزِلَةَ الْمَسْمُوعِ لِكَثْرَتِهِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. وَالْمُرَادُ بِاللُّغَةِ لُغَةُ الْعَرَبِ وَهِيَ أَلْفَاظٌ وَضَعَهَا الْوَاضِعُ يُعَبِّرُ بِهَا كُلُّ قَوْمٍ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ، وَالْوَاضِعُ لَهَا قِيلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْنَى أَنَّهُ خَلَقَ أَلْفَاظًا

<<  <  ج: ص:  >  >>