للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةِ بِنَحْوِ الْمَطَرِ وَالْأَصْلُ فِي الْقَصْرِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: ١٠١] الْآيَةَ. قَالَ «يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قُلْتُ لِعُمَرَ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١] وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْأَصْلُ فِي الْجَمْعِ أَخْبَارٌ تَأْتِي.

وَلَمَّا كَانَ الْقَصْرُ أَهَمَّ هَذِهِ الْأُمُورِ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِهِ كَغَيْرِهِ فَقَالَ: (وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ) لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ) الْمَكْتُوبَةِ دُونَ الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ (بِخَمْسِ شَرَائِطَ) وَتَرَكَ شُرُوطًا أُخَرَ سَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا: الْأَوَّلُ (أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ وَاجِبًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيْثُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ مَوْجُودَانِ لِأَنَّ حَيْثُ لَا تُضَافُ إلَّا لِجُمْلَةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَأَلْزَمُوا إضَافَةً إلَى الْجُمَلِ حَيْثُ

. . . وَقُدِّمَ الْقَصْرُ عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَمْنَعُ الْجَمْعَ إلَّا لِلنُّسُكِ اهـ أط ف.

قَوْلُهُ: (مَعَ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ) فَفِي كَلَامِهِ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ مَعِيبًا، وَإِنَّمَا الْمَعِيبُ أَنْ يُتَرْجِمَ لِشَيْءٍ وَيَنْقُصَ عَنْهُ ق ل. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُتَرْجِمْ وَالشَّارِحُ تَرْجَمَ بِهِمَا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ زِيَادَةٌ عَنْ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ) أَيْ سَافَرْتُمْ قَوْلُهُ: (يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ) أَيْ التَّمِيمِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ يَعْلَى بْنُ مُنْيَةَ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُخَفَّفَةٍ وَهِيَ أُمُّهُ، أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ يَسْكُنُ مَكَّةَ، وَكَانَ جَوَادًا مَعْرُوفًا بِالْكَرَمِ اهـ أج قَوْلُهُ: (عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ إلَخْ) مُحَصَّلُ جَوَابِ سَيِّدِنَا عُمَرَ أَنَّهُ تَعَجَّبَ، وَعَرَضَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّبْهَةُ فَسَأَلَ عَنْهَا النَّبِيَّ فَأَجَابَهُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ إلَخْ) السَّائِلُ هُوَ عُمَرُ لَا يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ اهـ أج قَوْلُهُ: (صَدَقَةٌ) أَيْ جَوَازُ الْقَصْرِ فِي الْأَمْنِ صَدَقَةٌ إلَخْ. فَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْخَوْفِ فِي الْآيَةِ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «إنَّ خِيَارَ أُمَّتِي مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَاَلَّذِينَ إذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَإِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا» اهـ.

قَوْلُهُ: (أَهَمُّ هَذِهِ الْأُمُورِ) جَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْجَمْعَ نَوْعَانِ جَمْعُ سَفَرٍ وَجَمْعُ مَطَرٍ. وَالثَّالِثُ الْقَصْرُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضٌ ق ل. بِقَوْلِهِ لَوْ قَالَ الْأَمْرَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى اهـ وَإِنَّمَا كَانَ أَهَمَّ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْجَمْعُ لِلسَّفَرِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْجَمْعُ لِلنُّسُكِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمَتْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ مَعَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ دَاخِلٌ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ التَّنَقُّلِ فِي الْبِلَادِ، قَوْلُهُ: (الْمَكْتُوبَةِ) أَيْ أَصَالَةً وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا كَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَالْمُعَادَةِ لَكِنْ لَا تُقْصَرُ إلَّا إذَا قُصِرَ أَصْلُهَا ح ل قَوْلُهُ: (دُونَ الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ دُونَ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ لِأَجْلِ مُنَاسَبَةِ الْمَتْنِ، وَعَبَّرَ م ر وَابْنُ حَجَرَ بِقَوْلِهِمَا لَا صُبْحٍ وَمَغْرِبٍ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ عَبَّرَ بِالثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ التَّطْوِيلِ وَهُوَ الِاحْتِيَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَا مَعْلُومَيْنِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَقْصُودِ ابْتِدَاءً أَوْلَى، وَالْأُولَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا عَبَّرَ بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ دُونَ الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ خَوْفًا مِنْ دُخُولِ الْجُمُعَةِ، وَلِأَجْلِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: تُقْصَرُ الصُّبْحُ إلَى رَكْعَةٍ وَالْمَغْرِبُ كَذَلِكَ قَالَ فِي التُّحْفَةِ. نَعَمْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا جَوَازُ قَصْرِ الصُّبْحِ فِي الْخَوْفِ إلَى رَكْعَةٍ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» وَحَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِأُخْرَى، وَعَمَّمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ الْقَصْرَ إلَى رَكْعَةٍ فِي الْخَوْفِ فِي الصُّبْحِ وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ اهـ أج. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا خَبَرُ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَةً فِي الْخَوْفِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِأُخْرَى، إذْ الصُّبْحُ لَوْ قُصِرَتْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>