للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَتَخْتَصُّ بِشُرُوطٍ لِلُزُومِهَا وَشُرُوطٍ لِصِحَّتِهَا وَآدَابٍ وَسَتَأْتِي كُلُّهَا.

وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَشَرَائِطُ وُجُوبِ) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ: الْأَوَّلُ (الْإِسْلَامُ) وَهُوَ شَرْطٌ لِغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ عِبَادَةٍ (وَ) الثَّانِي (الْبُلُوغُ وَ) الثَّالِثُ (الْعَقْلُ) فَلَا جُمُعَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَالتَّكْلِيفُ أَيْضًا شَرْطٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا.

(وَ) الرَّابِعُ (الْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِنَقْصِهِ وَلِاشْتِغَالِهِ بِحُقُوقِ السَّيِّدِ عَنْ التَّهَيُّؤِ لَهَا، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. (وَ) الْخَامِسُ (الذُّكُورَةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِنَقْصِهِمَا (وَ) السَّادِسُ (الصِّحَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَرِيضٍ وَلَا عَلَى مَعْذُورٍ بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ بِالظُّهْرِ، أَيْ إذَا فَاتَتْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا) أَيْ إذَا فَعَلَهُ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ حِينَئِذٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ خَابَ) أَيْ خَسِرَ. وَقَوْلُهُ: مَنْ افْتَرَى أَيْ كَذَبَ.

[شَرَائِطُ وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيمِ السِّينِ إلَخْ) قَيَّدَ بِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُقْرَأَ تِسْعَةً بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ إذْ الرَّسْمُ وَاحِدٌ. وَمِنْ النِّكَاتِ اللَّطِيفَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦] بَعْدَ قَوْلِهِ {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] وَالسَّبْعَةُ وَالثَّلَاثَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَشَرَةً إذْ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِتَوَهُّمِ التِّسْعَةِ لِاتِّحَادِ الرَّسْمِ، فَدُفِعَ هَذَا التَّوَهُّمُ بِقَوْلِهِ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ إذْ الْقُرْآنُ فِي أَعْلَى طَبَقَاتِ الْبَلَاغَةِ وَالْبَيَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: ٣] وَقَالَ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [فصلت: ٣] أَيْ بَيِّنًا ظَاهِرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَبِقَوْلِهِ الْآتِي وَالتَّكْلِيفُ أَيْضًا شَرْطٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْجُمُعَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ: إنَّمَا تَجِبُ أَيْ الْجُمُعَةُ عَلَى حُرٍّ ذَكَرٍ مُقِيمٍ بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ، وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ بِلَا عُذْرٍ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ غَرَضُهُ بِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى ذِكْرِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالتَّكْلِيفُ شَرْطٌ إلَخْ غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى ذِكْرِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْجُمُعَةِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ بَلْ مِثْلُهُمَا السَّكْرَانُ، فَالثَّلَاثَةُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ إنْ تُعَدُّوا وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (عَلَى صَبِيٍّ) لَكِنْ تَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَتُجْزِئُهُ عَنْ ظُهْرِهِ كَمَا يَأْتِي ق ل قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَدَّ بِجُنُونِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا. اهـ. م د قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا قَضَاؤُهَا ظُهْرًا عِنْدَ التَّعَدِّي قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ غَيْرِهَا، فَالْوُجُوبُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ. فَإِنْ قُلْتَ: الْقَضَاءُ فَرْعُ الْوُجُوبِ وَهُنَا لَا وُجُوبَ. قُلْتُ: هُوَ فَرْعُهُ غَالِبًا اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (الْحُرِّيَّةُ) أَيْ الْكَامِلَةُ بِدَلِيلِ الْمُحْتَرَزِ. وَقَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ أَيْ وَإِنْ قَلَّ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ لَا اهـ أج. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْقِنِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِهَا م ر قَوْلُهُ: (وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُكَاتَبَ) إنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ دُونَ الْقِنِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَخُنْثَى) نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَلَوْ بَعْدَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا إنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ الظُّهْرِ، وَلَا يَكْفِيه ظُهْرُهُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِنَقْصِهِمَا) لَكِنْ تُجْزِئُهُمَا عَنْ ظُهْرِهِمَا إنْ فَعَلُوهَا كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (الصِّحَّةُ) لَوْ قَالَ عَدَمُ الْعُذْرِ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى مَعْذُورٍ) وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>