للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْفَرِدًا، وَتُشْرَعُ أَيْضًا لِلْمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَالْمُسَافِرِ، فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالُهَا يَوْمَ الْعِيدِ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ لِلِاتِّبَاعِ (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) بِالْإِجْمَاعِ وَحُكْمُهَا فِي الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَالسُّنَنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، يُحْرَمُ بِهَا بِنِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى هَذَا أَقَلُّهَا، وَبَيَانُ أَكْمَلِهَا مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ: (يُكَبِّرُ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى سَبْعًا) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ (سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) بَعْدَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ» .

وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعِ، وَجَعَلَهَا مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ مِنْهَا، يَقِفُ نَدْبًا بَيْنَ كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنْهَا كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ يُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيُمَجِّدُ وَيَحْسُنُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْحَالِ وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، ثُمَّ يَتَعَوَّذَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَ) يُكَبِّرَ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ (خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ) بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ قَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِمَكَّةَ لَمْ تُسَنَّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ أَيْضًا، فَإِنْ صَلَّوْهَا جَمَاعَةً كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ. وَحِكْمَتُهُ التَّخْفِيفُ عَلَيْهِمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَعْمَالِ التَّحَلُّلِ وَالتَّوَجُّهِ إلَى مَكَّةَ عَنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (عَلَى شُرُوطِ الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ وَالْعَدَدِ وَغَيْرِهِمَا شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِهَا وَلَوْ لِلْبَعْضِ ز ي. وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَامُ الطُّلُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ قُرْصِ الشَّمْسِ تَابِعٌ لِمَا ظَهَرَ طُلُوعًا وَغُرُوبًا ق ل.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْعِيدِ) الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ يُعَيِّدُ النَّاسُ وَلَوْ ثَانِيَ شَوَّالٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ " أَمَّا شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ بِأَنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَخْ) فَهَذِهِ صَلَاةٌ فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مَفْضُولٌ. اهـ. ق ل. وَلَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (لِتَرْتَفِعَ) أَيْ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ فَلَوْ فَعَلَهَا قَبْلَ ارْتِفَاعِهَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ م ر. وَالرُّمْحُ قَدْرُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ. وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ: وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا لِلِارْتِفَاعِ كَرُمْحٍ كَمَا فَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّ وَقْتَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالِارْتِفَاعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى) فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ عِيدَ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى فِي نِيَّتِهِ، وَلَا يُقَالُ: الْوَقْتُ يُعَيَّنُ لِأَنَّهُ لَا يُعَيَّنُ عِنْدَنَا عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (يُكَبِّرُ) أَيْ مَعَ رَفْعِ يَدَيْهِ كَمَا فِي التَّحَرُّمِ وَلَا يَضُرُّ الرَّفْعُ لَوْ وَالَاهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (سَبْعًا) أَيْ يَقِينًا فَعِنْدَ الشَّكِّ يَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ كَمَا يَأْتِي، وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَيُّهَا أَحْرَمَ بِهِ فَيَجْعَلُهَا الْأَخِيرَةَ وَيُعِيدُهُنَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى الْإِحْرَامَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَيُعِيدُهَا. اهـ. حَجّ ز ي.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُعَاءِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ " يُكَبِّرُ ".

قَوْلُهُ: (كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ.

قَوْلُهُ: (وَيُمَجِّدُ) أَيْ يُعَظِّمُ بِتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَيَحْسُنُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ؛ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوَالِي التَّكْبِيرَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَوَالِي الرَّفْعِ كَمَا فِي الزِّيَادِيِّ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَلَهُ تَوَالِيهَا وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ لَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ وَالَاهَا فَارَقَهُ مَمْنُوعٌ وَإِنْ وَجَّهَهُ سم بِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَنَا وَهُوَ مُبْطِلٌ وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَهُمْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَتَوْجِيهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ التَّوَالِي وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمَطْلُوبِ. وَحِكْمَةُ طَلَبِ الْفَصْلِ فِي تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ عَدَمُ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ فِيهَا الْمَطْلُوبُ تَرْكُهُ بِحَسْبِ الْأَصَالَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْبَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ " بَيْنَ كُلِّ إلَخْ " شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ) أَيْ سِرًّا سم.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ) هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هِيَ أَعْمَالُ الْخَيْرِ الَّتِي تَبْقَى لِلشَّخْصِ ثَمَرَتُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الصَّلَوَاتُ وَأَعْمَالُ الْحَجِّ وَصِيَامُ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (خَمْسًا) أَيْ يَقِينًا. وَلَوْ اقْتَدَى بِمُخَالِفٍ وَافَقَهُ نَدْبًا فِي الْعَدَدِ وَفِي مَحَلِّهِ، فَلَوْ خَالَفَهُ كُرِهَ وَلَوْ قَضَى الْعِيدَ كَبَّرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ رَحْمَانِيٌّ. فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ إذَا زَادَ فِي تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ. قُلْت: لِأَنَّهَا ثَمَّ أَرْكَانٌ، وَجَرَى خِلَافٌ فِي زِيَادَةِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِذَا زَادَ وَلَوْ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَأْمُومُ تَابَعَهُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>