للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ الْحَاضِرَةِ، أَمَّا مَنْزُوعُ الزُّبْدِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُ، وَكَذَا لَا يُجْزِئُ الْكَشْكُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ مَعْرُوفٌ وَلَا الْمَخِيضُ وَلَا الْمَصْلُ وَلَا السَّمْنُ وَلَا اللَّحْمُ وَلَا مُمَلَّحٌ مِنْ الْأَقِطِ أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ الْمِلْحِ الْيَسِيرِ فَيُجْزِئُ، لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا.

وَالْأَصْلُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ زَكَاةَ مُوَلِّيهِ الْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيلُ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ مُوَلِّيهِ كَوَلَدٍ رَشِيدٍ وَأَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرَانِ أَوْ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي رَقِيقٍ لَزِمَ كُلَّ مُوسِرٍ قَدْرُ حِصَّتِهِ لَا مِنْ وَاجِبِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ بَلْ مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الرَّقِيقِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي.

فَصْلٌ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَيْ الزَّكَوَاتِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي آخَرِ الزَّكَاةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ الْمِنْهَاجِ لَهَا تَبَعًا لِلْمُزَنِيِّ بَعْدَ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ. (وَتُدْفَعُ الزَّكَاةُ) مِنْ أَيْ صِنْفٍ كَانَ مِنْ أَصْنَافِهَا الثَّمَانِيَةِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهَا (إلَى) جَمِيعِ (الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ) عِنْدَ وُجُودِهِمْ فِي مَحَلِّ الْمَالِ وَهُمْ (الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فِي قَوْله تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ. قَوْلُهُ: (الْمَصْلُ) هُوَ مَا سَالَ مِنْ اللَّبَنِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ وَيُقَالُ لَهُ مَصَالَةٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَيُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِمِشِّ الْحَصِيرِ. اهـ. ح ف. قَوْلُهُ: (جَوْهَرَهُ) أَيْ ذَاتَهُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمِلْحِ الْيَسِيرِ أَيْ بِخِلَافِ ذِي الْمِلْحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَيُجْزِئُ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (زَكَاةَ مُوَلِّيهِ) أَيْ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ.

وَقُيِّدَ بِالْغِنَى لِأَجْلِ قَوْلِهِ " وَلَهُ " وَإِلَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِتَمْلِيكِهِ) أَيْ فَيَجْعَلُ الدَّفْعَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ التَّمْلِيكِ. قَوْلُهُ: (كَوَلَدٍ رَشِيدٍ) أَيْ إذَا لَمْ تَلْزَمْ نَفَقَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَكَانَ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَكَذَا الْمَمْلُوكُ وَالزَّوْجَةُ.

قَوْلُهُ: (لَا مِنْ وَاجِبِهِ) أَيْ كُلِّ مُوسِرٍ.

قَوْلُهُ: (كَمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ) يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ بِمَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ قُوتٌ مُجْزِئٌ وَكَانَتْ بَلَدُ السَّيِّدِ أَقْرَبَ الْبِلَادِ إلَيْهِ ز ي، أَوْ كَانَ قُوتُ بَلَدِ الرَّقِيقِ مِنْ جِنْسِ قُوتِ بَلَدِ السَّيِّدِ فَيَأْذَنُ لِرَقِيقِهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُوتِهِ.

[فَصْلٌ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

ِ جَمْعُ صَدَقَةٍ، تَشْمَلُ الْوَاجِبَةَ وَالْمَنْدُوبَةَ وَالْمُرَادُ الْوَاجِبَةُ. وَلَوْ قَالَ فِي قَسْمِ الزَّكَوَاتِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (أَيْ الزَّكَوَاتِ) احْتَاجَ لَهُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ أَعَمُّ رَحْمَانِيٌّ قَوْلُهُ: (وَسُمِّيَتْ) أَيْ الزَّكَوَاتُ بِذَلِكَ أَيْ الصَّدَقَاتِ قَوْلُهُ: (وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ أَيْ الْقَسْمِ؛ لَكِنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْسَبُ إلَخْ) لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّكَاةِ وَذِكْرِهَا بَعْدَ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ لَهُ مُنَاسَبَةٌ، وَهِيَ أَنْ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَالٌ يَجْمَعُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَصْنَافِهَا الثَّمَانِيَةِ) وَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ قَوْلُهُ: (إلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ) أَيْ إنْ قَسَمَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ فَإِنْ قَسَمَ الْمَالِكُ فَلَا عَامِلَ اهـ مَرْحُومِيٌّ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ الثَّمَانِيَةَ فِي قَوْلِهِ:

صَرَفْت زَكَاةَ الْحُسْنِ لِمَ لَا بَدَأْت بِي ... فَإِنِّي أَنَا الْمُحْتَاجُ لَوْ كُنْت تَعْرِفُ

فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ وَغَازٍ وَعَامِلٌ ... وَرِقُّ سَبِيلٍ غَارِمٌ وَمُؤَلَّفُ

اهـ. شَوْبَرِيٌّ: قَوْلُهُ: (وَهُمْ) فِي تَقْدِيرِهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (وَالْمَسَاكِينِ) جَمْعُ مِسْكِينٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفِي لُغَةِ بَنِي أَسْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>