للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ. .

وَمَنْ تَلَبَّسَ بِصَوْمٍ وَاجِبٍ أَوْ صَلَاةٍ وَاجِبَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَصَوْمِ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ، أَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ بِلَا عُذْرٍ أَمْ لَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِذَلِكَ. تَتِمَّةٌ: أَفْضَلُ الشُّهُورِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، ثُمَّ رَجَبٌ، ثُمَّ بَاقِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ شَعْبَانُ.

فَصْلٌ: فِي الِاعْتِكَافِ

وَهُوَ لُغَةً اللُّبْثُ وَالْحَبْسُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَمَّا غُسْلُ الْمَيِّتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، فَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ جَازَ قَطْعُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (فَلَهُ قَطْعُهُمَا) وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِعُذْرٍ، وَإِلَّا كَأَنْ شَقَّ الصَّوْمُ عَلَى الْمُضِيفِ فَلَا كَرَاهَةَ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْكَرَاهَةِ عَدَمُ الثَّوَابِ عَلَى الْمَاضِي، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِهَا وُجُوبُ الثَّوَابِ. قَوْلُهُ: «أَمِيرُ نَفْسِهِ» بِالرَّاءِ وَبِالنُّونِ رِوَايَتَانِ.

قَوْلُهُ: «إنْ شَاءَ صَامَ» أَيْ أَتَمَّ صَوْمَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَنَّهُ صَائِمٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَمَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ.

قَوْلُهُ: (بِصَوْمٍ وَاجِبٍ) وَلَوْ قَضَاءً لِأَجْلِ قَوْلِهِ " سَوَاءٌ كَانَ قَضَاؤُهُ إلَخْ ". قَوْلُهُ: (حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ) أَيْ الْوَاجِبِ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَهُوَ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ قَطْعِ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَاقِي الْأَشْهُرِ) لَمْ يَذْكُرْ الْأَفْضَلَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَمَا بَعْدَهَا. وَحَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ: أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ لِلصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ ثُمَّ رَجَبُ ثُمَّ الْحِجَّةُ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ الْقَعْدَةُ ثُمَّ شَعْبَانُ ز ي أج. وَبَعْضُهُمْ قَدَّمَ الْقَعْدَةَ عَلَى الْحِجَّةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الْحِجَّةِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى يَوْمِ عَرَفَةَ؛ وَالْأَفْصَحُ فَتْحُ قَافِ الْقَعْدَةِ وَكَسْرُ حَاءِ الْحِجَّةِ. وَقَدْ نَظَّمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَفَتْحُ قَافِ قَعْدَةٍ قَدْ صَحَّحُوا وَكَسْرُ حَاءِ حِجَّةٍ قَدْ رَجَّحُوا كَمَا عَلِمْتَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

ِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا، وَلِأَنَّ الَّذِي يُبْطِلُ الصَّوْمَ قَدْ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ، وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ الصِّيَامَ.

قَوْلُهُ: (اللُّبْثُ) أَيْ لُزُومُ الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ، وَقَوْلُهُ " وَالْحَبْسُ " أَيْ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى الشَّيْءِ فَهُوَ غَيْرُ اللُّبْثِ. وَسُمِّيَ الِاعْتِكَافُ الشَّرْعِيُّ بِذَلِكَ لِمُلَازِمَتِهِ الْمَسْجِدَ وَلُبْثِهِ، يُقَالُ عَكَفَ يَعْكُفُ بِضَمِّ الْكَافِ فِي الْمُضَارِعِ.

قَوْلُهُ: (اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ التَّرَدُّدَ، وَأَمَّا الْمُرُورُ بِلَا تَرَدُّدٍ فَلَا يَكْفِي؛ فَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَاصِدًا الْجُلُوسَ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ اشْتَرَطَ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ تَأْخِيرَ النِّيَّةِ إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ أَوْ مُكْثِهِ عَقِبَ دُخُولِهِ قَدْرًا يُسَمَّى عُكُوفًا لِتَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلِاعْتِكَافِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى حَالَ دُخُولِهِ وَهُوَ سَائِرٌ لِعَدَمِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلِاعْتِكَافِ؛ كَذَا بَحْثٌ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَاكِثًا أَوْ سَائِرًا مَعَ التَّرَدُّدِ لِتَحْرِيمِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْجُنُبِ حَيْثُ جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ اللُّبْثِ، بِخِلَافِهِ مَعَ الْمُرُورِ بِأَنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابٍ وَيَخْرُجَ مِنْ آخَرَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعُبُورِ فَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ ع ش عَلَى م ر بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) وَهُوَ مَا وَقَفَهُ الْوَاقِفُ مَسْجِدًا لَا رِبَاطًا وَلَا مَدْرَسَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ز ي. فَائِدَةٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا ز ي بِأَنَّهُ لَوْ سَمَّرَ حَصِيرًا أَوْ فَرْوَةً أَوْ سَجَّادَةً أَوْ بَنَى مِصْطَبَةً وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا صَحَّ ذَلِكَ وَأَجْرَى عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>