للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَحُكْمِ الْفَوَاتِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا أُمُورٌ كَثِيرَةٌ الْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا (عَشْرَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (لُبْسُ الْمَخِيطِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمَنْسُوجِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَالْمَلْزُوقِ وَاللَّبِدِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ قُطْنٍ أَمْ مِنْ جِلْدٍ أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ إذَا كَانَ مَعْمُولًا عَلَى قَدْرِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَأْلُوفَةِ فِيهِ لِيَخْرُجَ مَا إذَا ارْتَدَى بِقَمِيصٍ أَوْ قَبَاءٍ أَوْ اتَّزَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُحْرِمُ بِالْإِحْرَامِ كَالْمَدَاسِ وَالتَّاسُومَةُ وَالْقَبْقَابُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتُرْنَ جَمِيعَ أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَإِلَّا حُرِّمَ الْجَمِيعُ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَاحْتَاجَ لِلُّبْسِ الْخُفَّيْنِ وَقَطَعَهُمَا فَلَا فِدْيَةَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَالِاحْتِيَاجُ وَالْقَطْعُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيُسَنُّ لُبْسُ نَعْلَيْنِ لِخَبَرِ: «لِيُحْرِمَ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» انْتَهَتْ. فَقَوْلُ ق ل إنَّ عَطْفَهُمَا عَلَى إزَارٍ يَقْتَضِي نَدْبَ لُبْسِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّمْسُ م ر.

[فَصْلٌ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

ِ إلَخْ أَيْ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِهِ، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ. وَكُلُّهَا صَغَائِرُ إلَّا قَتْلَ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَالْجِمَاعَ الْمُفْسِدَ فَإِنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَطْ كَسَتْرِ بَعْضِ رَأْسِهِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، وَمِنْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَقَطْ كَسَتْرِ بَعْضِ وَجْهِهَا وَالْقُفَّازِ، وَمِنْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا كَبَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ. وَقَدْ نَظَمَهَا م د بِقَوْلِهِ:

يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ لُبْسُ رَجُلٍ ... لِمَا يَخِيطُ مَعَ سَتْرِ الرَّاسِ

كَذَاك سَتْرُ امْرَأَةٍ لِوَجْهِهَا ... قُفَّازُهَا لَا غَيْرَ مِنْ لِبَاسِ

وَامْنَعَنَّ الطِّيبَ لِكُلِّ مُحْرِمٍ ... وَدَهْنِ شَعْرِ وَجْهِهِ أَوْ رَاسٍ

وَأَنْ يُزِيلَ شَعْرًا وَظُفْرًا ... وَالْوَطْءُ وَالْوَدَاعُ لَا مِنْ نَاسِي

كَذَا تَعَرُّضٌ لِصَيْدِ بَرٍّ ... يُؤْكَلُ ذُو تَوَحُّشٍ بِبَاسِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَهُوَ الْإِتْلَافُ، كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقِسْمٌ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَهُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْعَالِمِ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا وَقِسْمٌ إنْ تَعَمَّدَ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَالتَّرَفُّهَاتِ كَالدَّهْنِ وَاللُّبْثِ وَالطِّيبِ اهـ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُهُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَسَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الدَّوَامِ.

قَوْلُهُ: (لُبْسُ الْمَخِيطِ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ تَقْيِيدُهُ بِالرَّجُلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ وَاللِّبْدُ بِكَسْرِ اللَّامِ بِوَزْنِ حِمْلٍ وَهُوَ مَا تَلَبَّدَ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، فَقَوْلُ م د إنَّ عَطْفَ اللِّبْدِ عَلَى الْمَلْزُوقِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، إذْ هُوَ مِنْ الْمَلْزُوقِ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْمَلْزُوقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَطْفُ مُرَادِفٍ، وَعَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْمَلْزُوقِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّبْدَ عَلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٌ مَعْقُودٌ وَنَوْعٌ مَلْزُوقٌ. قَوْلُهُ: (فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ) أَيْ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا هُوَ لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ وَتَغْطِيَةُ الْوَجْهِ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ مَعْمُولًا عَلَى قَدْرِهِ) لَيْسَ قَيْدًا؛ نَعَمْ الْوَجْهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى قَدْرِهِ لَا أَزْيَدَ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ الزَّائِدَ يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الْوَجْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا لَا عَلَى وَجْهِهِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَأْلُوفَةِ) مُتَعَلِّقٌ ب " لُبْسِ " الَّذِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ أَوْ قَبَاءٍ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُفْطَانِ الَّذِي يُلْبَسُ مَفْتُوحًا فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْقَبَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قِيلَ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ قَبَوْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>