للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ بِالْقَضَاءِ وَلَا وَقْتَ لَهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءُ اللُّغَوِيُّ لَا الْقَضَاءُ الْحَقِيقِيُّ، وَقِيلَ لِأَنَّ مَا أَحْرَمَ بِهِ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ عُمْرَةَ التَّحَلُّلِ لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ. (وَ) عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ (الْهَدْيُ) أَيْضًا وَهُوَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَسَيَأْتِي.

(وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا) مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ غَيْرَ الْوُقُوفِ أَوْ مِنْ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ أَتَرَكَهُ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهِ أَمْ لَا كَالْحَائِضِ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (لَمْ يَحِلَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَمْ يَخْرُجْ (مِنْ إحْرَامِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ) أَيْ الْمَتْرُوكِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا، أَمَّا تَرْكُ الْوُقُوفِ فَقَدْ عُرِفَ حُكْمُهُ مِنْ كَلَامِهِ سَابِقًا.

(وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا) مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ سَوَاءٌ أَتَرَكَهُ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا أَمْ جَهْلًا (لَزِمَهُ) بِتَرْكِهِ (دَمٌ) وَهُوَ شَاةٌ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً) مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ بِتَرْكِهَا شَيْءٌ) كَتَرْكِهَا مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْهُ أَوْ صَابَرَ إحْرَامَهُ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ فَفَاتَهُ الْوُقُوفُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ نُسُكُهُ غَيْرَ فَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ فَرْضًا فَفِي ذِمَّتِهِ إنْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ اُعْتُبِرَ اسْتِطَاعَتُهُ بَعْدُ، أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ إنْ وُجِدَتْ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ " أَيْ الْمُحْصَرِ.

قَوْلُهُ: (الْقَضَاءُ اللُّغَوِيُّ) وَهُوَ الْأَدَاءُ.

قَوْلُهُ: (تَضَيَّقَ وَقْتُهُ) فَلَمَّا تَضَيَّقَ وَقْتُهُ كَانَ فِعْلُهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي أُفْسِدَ فِيهَا أَدَاءً، فَيَكُونُ فِعْلُهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَضَاءً حَقِيقِيًّا.

قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ أَدَاؤُهَا وَقَوْلُهُ " مَعَ الْحَجِّ " لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ " مَعَ الْحَجِّ " ظَرْفٌ لِيَلْزَمَ فَالْمَعِيَّةُ فِي اللُّزُومِ لَا فِي الْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: (كَالْحَائِضِ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ " أَمْ لَا ". وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ قَرِيبَةً مِنْهَا لَزِمَهَا مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ حَتَّى تَأْتِيَ بِالطَّوَافِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَرَحَلَتْ الْقَافِلَةُ وَخَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ فَتَخْرُجُ مَعَهُمْ حَتَّى تَصِلَ لِمَحَلٍّ لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الرُّجُوعُ إلَى مَكَّةَ فَتَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ أَيْ بِذَبْحٍ فَحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ مَعَ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَيَسْتَقِرُّ الطَّوَافُ عَلَيْهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِإِحْرَامٍ أَيْ مُطْلَقٍ أَوْ لِأَجْلِ الطَّوَافِ لِأَنَّ إحْرَامَهَا بَطَلَ بِالتَّحَلُّلِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْمُحَرَّمَاتُ. قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ) وَلِبَعْضِهِمْ:

اُضْمُمْ أَوْ اكْسِرْ فِي مُضَارِعٍ لِحَلِّ ... هَذَا إذَا اسْتَعْمَلْتَ فِي مَعْنَى نَزَلْ

أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلْتَ فِي فَكَّ فَضُمَّ ... وَاكْسِرْهُ مِنْ حَلَّ الْمُقَابِلْ لِحَرُمْ

أَيْ فِي مُضَارِعِ حَلَّ الْمُقَابِلِ لِحَرُمَ: وَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ يَحِلُّ وَغَالِبًا أَحَلَّ ذَا يُحِلُّ.

قَوْلُهُ: (الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ) أَيْ ذِكْرُ الْوَاجِبِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهَا

قَوْلُهُ: (مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ) كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.

[فَصْلٌ فِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا]

مِنْ الْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْفَصْلِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مُنَاسِبٌ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ عَنْ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فِي الْبَابِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ طَعَامٍ وَصِيَامٍ وَيُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْحَيَوَانِ فَقَطْ، وَالشَّارِحُ جَرَى عَلَى هَذَا الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَالْمُرَادُ بَيَانُ أَحْكَامِهَا مِنْ كَوْنِهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي، فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>