للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَإِنْ كَثُرَتْ الْجِرْيَةُ لَمْ تَنْجَسْ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا أَمَامَهَا وَمَا خَلْفَهَا مِنْ الْجِرْيَاتِ حُكْمًا وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِهِمَا حِسًّا إذْ كُلُّ جِرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا أَمَامَهَا هَارِبَةٌ عَمَّا خَلْفَهَا مِنْ الْجِرْيَاتِ وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْجِرْيَةِ قُلَّتَيْنِ بِأَنْ يُمْسَحَا وَيُجْعَلَ الْحَاصِلُ مِيزَانًا ثُمَّ يُؤْخَذَ قَدْرُ عُمْقِ الْجِرْيَةِ وَيُضْرَبَ فِي قَدْرِ طُولِهَا ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِ الْأَقْدَارِ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبُعِ لِوُجُودِهِ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنْ تَضْرِبَ ذِرَاعًا وَرُبُعًا طُولًا فِي مِثْلِهِمَا عَرْضًا فِي مِثْلِهِمَا عُمْقًا يَحْصُلُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ الْمِيزَانُ أَمَّا إذَا كَانَ أَمَامَ الْجَارِي ارْتِفَاعٌ يَرُدُّهُ فَلَهُ حُكْمُ الرَّاكِدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

طَهُورِيَّتِهِ وَلَوْ الْمُتَّصِلَةَ بِهَا، وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ إلَّا الْجِرْيَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْمُتَنَجِّسِ، فَلَهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَارِيَةً مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي الْمَمَرِّ فَكُلُّ مَا مَرَّ عَلَيْهَا يَنْجُسُ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي فَوْقَهَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَارِي بِالْجِرْيَةِ نَفْسِهَا لَا مَجْمُوعِ الْمَاءِ، فَإِنَّ الْجِرْيَاتِ مُتَفَاصِلَةٌ حُكْمًا، وَإِنْ اتَّصَلَتْ فِي الْحِسِّ لِأَنَّ كُلَّ جِرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا قَبْلَهَا هَارِبَةٌ مِمَّا بَعْدَهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْجِرْيَةُ وَهِيَ الدُّفْعَةُ الَّتِي بَيْنَ حَافَتَيْ النَّهْرِ فِي الْعَرْضِ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَتْ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ أَمْ لَا لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ الْمَارِّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفْصَلْ فِيهِ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ تِلْكَ الْجِرْيَةِ مِنْ النَّهْرِ نَجِسًا وَيَطْهُرُ بِالْجِرْيَةِ بَعْدَهَا، وَتَكُونُ فِي حُكْمِ غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جِرْيَاتٍ عَلَيْهَا. وَمِنْ التَّتْرِيبِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ هَذَا فِي نَجَاسَةٍ تَجْرِي فِي الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ جَامِدَةً وَاقِفَةً، فَذَلِكَ الْمَحَلُّ نَجِسٌ، وَكُلُّ جِرْيَةٍ تَمُرُّ بِهَا نَجِسَةٌ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ قُلَّتَانِ مِنْهُ فِي مَوْضِعٍ. وَيُلْغَزُ بِهِ: فَيُقَالُ لَنَا مَاءٌ أَلْفُ قُلَّةٍ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ وَهُوَ نَجِسٌ أَيْ لِأَنَّهُ مَا دَامَ لَمْ يَجْتَمِعْ فَهُوَ نَجِسٌ وَإِنْ طَالَ مَحَلُّ جَرْيِ الْمَاءِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ كُلَّ جِرْيَةٍ أَقَلُّ مِنْ قُلَّتَيْنِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ تَحْقِيقًا إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِلتَّمَوُّجِ، فَالْحَقِيقِيُّ أَنْ يُشَاهَدَ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ وَانْخِفَاضُهُ بِسَبَبِ شِدَّةِ الْهَوَاءِ، وَالتَّقْدِيرِيُّ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ ظَاهِرِ التَّمَوُّجِ بِالْجَرْيِ عِنْدَ سُكُونِ الْهَوَاءِ لِأَنَّهُ يَتَمَاوَجُ وَلَا يَرْتَفِعُ.

قَوْلُهُ: (حُكْمًا) بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَتَقَوَّى بِمَا قَبْلَهَا وَلَا بِمَا بَعْدَهَا، بِخِلَافِ الرَّاكِدِ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُقَوِّي بَعْضًا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُمْسَحَا إلَخْ) هَذَا مَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ حَيْثُ هُمَا أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْجِرْيَةِ، وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ بِقَوْلِهِ فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ إلَخْ. فَهَذَا نَظَرٌ أَوَّلٌ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُؤْخَذُ إلَخْ مَسْحٌ لِلْجِرْيَةِ نَفْسِهَا هَلْ تَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ بِأَنْ بَلَغَتْ الْمِيزَانَ الْآتِيَ وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ أَوْ لَا، بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ الطُّولُ ذِرَاعًا وَرُبُعًا فِي الْمُرَبَّعِ وَهَذَا نَظَرٌ ثَانٍ. قَوْلُهُ: (فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِأَنْ يُمْسَحَا أَيْ الْقُلَّتَانِ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ، وَإِذَا تَأَمَّلْت لَمْ تَجِدْ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارًا خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ حُكْمُ الرَّاكِدِ) لَوْ قَالَ فَهُوَ مِنْ الرَّاكِدِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَسْلَمَ فَتَأَمَّلْ.

وَقَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُ الرَّاكِدِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْجِرْيَاتِ بَلْ يُنْظَرُ لِجَمِيعِهِ هَلْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ]

أَيْ: وَمَا لَا يَظْهَرُ. فَفِي كَلَامِهِ اكْتِفَاءٌ، لِأَنَّ الْفَصْلَ مُنْعَقِدٌ لِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ، وَمَا لَا يَطْهُرُ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ، وَمَا يَمْتَنِعُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لِلشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ تَرْجَمَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ إلَخْ بِفَصْلٍ. وَقَدْ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ الْمُحَرَّرَةِ تَرْجَمَتُهُ بِفَصْلٍ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا الْفَصْلُ مُنْعَقِدًا لِأَمْرَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا مَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَمَا لَا يَطْهُرُ. وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ الدِّبَاغِ عَقِبَ الْمِيَاهِ أَنَّهُ مُطَهِّرٌ، وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ الْأَوَانِي عَقِبَهَا فَهِيَ كَوْنُهَا ظُرُوفًا لِلْمِيَاهِ، وَجَمْعُ الْجُلُودِ فِي كَلَامِهِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، لِأَنَّ لِكُلِّ حَيَوَانٍ جِلْدًا يُزَالُ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ق ل. وَفِيهِ أَنَّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ جَمْعًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا اسْمُ جَمْعٍ فَهِيَ جَمْعٌ لُغَوِيٌّ، أَوْ يُقَالَ إنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَتَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>