للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَآهُ بِاجْتِهَادِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ذَلِكَ الْعَالِمِ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لِنَائِبِهِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَلَّدَهُ عَنْ الْإِمَامِ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ: فَهِيَ تَقْصُرُ عَنْ الْقَضَاءِ فِي إنْشَاءِ كُلِّ الْأَحْكَامِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الرَّوَاشِنِ الْخَارِجَةِ بَيْنَ الدُّورِ وَبِنَاءِ الْمَصَاطِبِ فِي الطُّرُقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحِسْبَةِ، وَلَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْأَحْكَامِ وَلَا تَنْفِيذُهَا فِي عُقُودِ الْأَنْكِحَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ، وَلَا لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي عُيُوبِ الدُّورِ وَشَبَهِهَا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ لَهُ ذَلِكَ فِي مَنْشُورِهِ وَيَزِيدُ الْمُحْتَسِبُ عَلَى الْقَاضِي بِكَوْنِهِ يَتَعَرَّضُ لِلتَّفَحُّصِ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ وَإِنْ لَمْ تُنْهَ إلَيْهِ.

وَأَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَحْكُمُ إلَّا فِيمَا رُفِعَ إلَيْهِ، وَمَوْضِعُ الْحِسْبَةِ الرَّهْبَةُ، وَمَوْضِعُ الْقَضَاءِ النَّصَفَةُ.

[فَصْلٌ الْوِلَايَةُ الْجُزْئِيَّةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ الْقَضَاءِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الْجُزْئِيَّةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ الْقَضَاءِ كَمُتَوَلِّي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ فِي الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ، وَالْمُتَوَلِّي النَّظَرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَيْتَامِ فَقَطْ، فَيُفَوَّضُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ النَّقْضُ وَالْإِبْرَامُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ، فَهَذِهِ الْوِلَايَةُ شُعْبَةٌ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ، وَلَا يَنْفُذُ لَهُ حُكْمٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ التَّحْكِيمِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ التَّحْكِيمِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ: فَهِيَ وِلَايَةٌ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ آحَادِ النَّاسِ، وَهِيَ شُعْبَةٌ مِنْ الْقَضَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَمْوَالِ دُونَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَمَا هُوَ مَشْرُوحٌ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ السُّعَاةِ وَجُبَاةِ الصَّدَقَةِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ السُّعَاةِ وَجُبَاةِ الصَّدَقَةِ: فَلَهُمْ إنْشَاءُ الْحُكْمِ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ خَاصَّةً، فَإِنْ حَكَمُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْخَرْصِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ الْخَرْصِ: فَلَيْسَ لِمُتَوَلِّيهَا إنْشَاءُ حُكْمٍ، وَلَيْسَ لَهُ حَرْزُ مَقَادِيرِ الثِّمَارِ وَكَمْ يَكُونُ مِقْدَارُهَا إذَا يَبِسَتْ، وَفِعْلُهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ هَلْ يَرْجِعُ إلَى مَا تَبَيَّنَ أَوْ هُوَ حُكْمٌ مَضَى، وَهَذَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْحَكَمَيْنِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ الْحَكَمَيْنِ: فَهِيَ شُعْبَةٌ مِنْ الْقَضَاءِ فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُمَا فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِمَا مِنْ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَحِلِّهِ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ حُكْمُ الْمُحَكَّمِينَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا حُكْمُ الْمُحَكَّمِينَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: فَهِيَ وِلَايَةٌ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ آحَادِ النَّاسِ يَنْفُذُ حُكْمُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَزَاءِ فَقَطْ.

[فَصْلٌ الْوِلَايَةُ عَلَى صَرْفِ النَّفَقَاتِ وَالْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ لِمُسْتَحِقِّيهَا]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْوِلَايَةُ عَلَى صَرْفِ النَّفَقَاتِ وَالْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَإِيصَالِ الزَّكَاةِ لِأَصْنَافِهَا وَقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَإِيصَالِ مَالِ الْغَنَائِمِ إلَيْهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَنْفِيذٌ فَقَطْ فَأَهْلُوهَا كَالْقُضَاةِ فِي التَّنْفِيذِ لَا فِي الْإِنْشَاءِ.

[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْقَاسِمِ الَّذِي يُقِيمُهُ الْقَاضِي]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا وِلَايَةُ الْقَاسِمِ الَّذِي يُقِيمُهُ الْقَاضِي وَالْكَاتِبِ وَالتُّرْجُمَانِ وَالْمُقَدَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُنْشِئُوا حُكْمًا وَلَا يُنَفِّذُوا شَيْئًا.

[فَصْلٌ الْوِلَايَةُ الَّتِي يَنْدَرِجُ الْقَضَاءُ فِي ضِمْنِهَا]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الَّتِي يَنْدَرِجُ الْقَضَاءُ فِي ضِمْنِهَا فَهِيَ أَنْوَاعٌ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى، وَأَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَكَذَلِكَ أَهْلِيَّةُ السِّيَاسَةِ الْعَامَّةِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: الْوَزَارَةُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ التَّفْوِيضُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ لِلْوَزِيرِ، وَيَخْتَصُّ الْإِمَامُ عَنْهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: لَا يَعْقِدُ الْوَزِيرُ وِلَايَةَ الْعَهْدِ وَيَعْقِدُهَا الْإِمَامُ لِمَنْ يُرِيدُ، فَيَكُونُ إمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يَسْتَعْفِي مِنْ الْوِلَايَةِ وَلِلْإِمَامِ الِاسْتِعْفَاءُ مِنْ الْإِمَامَةِ.

وَلَا يَعْزِلُ مَنْ قَلَّدَهُ الْإِمَامُ،

<<  <   >  >>