للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَرَّقَ قَبْلَ الْإِعَادَةِ صَحَّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ اللِّعَانِ قَدْ وُجِدَ وَفَاتَتْ صِفَتُهُ وَهُوَ التَّرْتِيبُ فَبَقِيَ حُكْمُهُ لِوُجُودِ أَصْلِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَاعَنَهَا بِوَلَدٍ ثُمَّ وَلَدَتْ إلَى سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ بِالطَّلَاقِ حُكْمًا فَصَارَتْ كَالْمُعْتَدَّةِ بِالطَّلَاقِ حَقِيقَةً إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ فَكَذَا هَذَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

نَفَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ لَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا وَالشَّافِعِيُّ يُلَاعِنُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْقَذْفِ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ لَاعَنَ بَيْنَ هِلَالٍ وَامْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ إنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا صَرِيحًا، فَإِنَّهُ قَالَ: إنِّي وَجَدْتُ رَجُلًا عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي يَخْبُثُ بِهَا، أَوْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا صَرِيحًا وَأَنْكَرَ الْوَلَدَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً هُنَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بِوَلَدِهَا ثُمَّ سُبِيَا جَمِيعًا فَاشْتَرَاهُمَا الزَّوْجُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وُلِدَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَالنَّسَبُ وَإِنْ انْتَفَى بِاللِّعَانِ لَكِنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ، وَذَلِكَ يَكْفِي لِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ لِوَلَدِ الزِّنَا، وَالْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ الْوَلَدُ صَارَتْ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللِّعَانِ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ إلَّا كَذَّابٌ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لَهَا وَهِيَ أَمَتُهُ. عَنْ النَّوَادِرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ الزَّوْجُ فَلَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَأَلْزَمَهُ أُمَّهُ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ ادَّعَى الْأَوَّلُ الْوَلَدَ الْمَنْفِيَّ لَزِمَهُ وَيُضْرَبُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الْمُسْتَدْعِي لِثُبُوتِ النَّسَبِ قَائِمٌ وَهُوَ الْفِرَاشُ لِهَذَا الْعُلُوقِ، وَقَدْ امْتَنَعَ لِمَانِعٍ وَهُوَ اللِّعَانُ، وَارْتَفَعَ الْمَانِعُ بِالْإِكْذَابِ فَعَمَلَ النَّسَبُ. مِنْ الْجَامِعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

أَتَتْ بِتَوْأَمٍ فَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الْآخَرَ يَلْزَمُهُ الْوَلَدَانِ وَيُلَاعَنُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِأَحَدِهِمَا إقْرَارٌ بِهِمَا كَوَلَدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، وَنَفْيُ أَحَدِهِمَا نَفْيُهُمَا فَصَارَ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِمَا ثُمَّ نَفَاهُمَا فَلَزِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي النَّفْيِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَيُلَاعَنُ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا حِينَ نَفَى الْوَلَدَ الثَّانِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ، وَأَقَرَّ بِالثَّالِثِ، يُلَاعَنُ وَهُمْ بَنُوهُ، وَإِنْ نَفَى الْأَوَّلَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِثُبُوتِ نَسَبِ بَعْضِ الْحَمْلِ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْحَمْلِ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّسَبِ دُونَ الْبَعْضِ، كَمَنْ قَالَ: يَدُهُ مِنِّي أَوْ رِجْلُهُ مِنِّي. كَانَ إقْرَارًا بِثُبُوتِ نَسَبِ بَعْضِ الْمَوْلُودِ مِنْهُ.

وَإِنَّمَا وَجَبَ اللِّعَانُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ صَحَّ النَّفْيُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ أَثْنَى عَلَيْهَا، وَبِالثَّانِي قَذَفَهَا فَصَارَ قَاذِفًا مُحْصَنَةً فَيَلْزَمُهُ اللِّعَانُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: مَا زَنَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: زَنَيْتِ.

وَأَمَّا إذَا نَفَى الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي فَبِالنَّفْيِ الْأَوَّلِ صَارَ قَاذِفًا لَهَا وَبِالْإِقْرَارِ الثَّانِي صَارَ رَاجِعًا وَمُكَذِّبًا نَفْسَهُ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَكَذَا فِي الْوَاحِدِ. .

[الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَقّ]

فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَقِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ مُحَمَّدٌ: رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ فَشَهِدَ عَلَى ذَلِكَ فَقِيرَانِ مِنْ جِيرَانِهِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَقِيرَانِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا. اُنْظُرْ الْفَرْقَ فِي الْمُحِيطِ.

<<  <   >  >>