للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَطْلُوبًا، وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَقْتَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّفَ لَمْ يَقَعْ لَمَّا كَانَا حَيَّيْنِ وَقْتَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُهُمَا فَيَبْقَى الِاشْتِبَاهُ.

(فَرْعٌ) :

ثُمَّ إنْ شَاءَ كَتَبَ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ وَأَنْسَابَهُمْ وَحِلَّاهُمْ وَمَوَاضِعَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ شَهِدَ عِنْدِي بِذَلِكَ شُهُودٌ عُدُولٌ قَدْ عَرَفْتَهُمْ وَأَثْبَتَ مَعْرِفَتَهُمْ، كَمَا فِي الْقَاضِي إذَا كَتَبَ السِّجِلَّ إنْ شَاءَ أَظْهَرَ فِيهِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَإِنْ شَاءَ أَخْفَى وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ، كَذَا هَذَا.

ثُمَّ إذَا كَتَبَ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ كَتَبَ فِيهِ عَدَالَتَهُمْ إنْ عَرَفَهُمْ بِالْعَدَالَةِ، وَإِلَّا سَأَلَ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ الْقَاضِي عَدَالَةَ الشُّهُودِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ مَتَى وَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ يَتَفَحَّصُ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي بِحَقٍّ، فَمَتَى ظَهَرَتْ الْعَدَالَةُ حِينَئِذٍ يَقْضِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَتَبَ الْكِتَابَ يَقْرَأُ كِتَابَهُ عَلَى الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ مَا فِي الْكِتَابِ لِلشُّهُودِ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَخْتِمُ الْكِتَابَ بِحَضْرَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْتِمْ بِحَضْرَتِهِمْ يُتَوَهَّمُ التَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ وَيُشْهِدُهُمْ أَنَّ هَذَا كِتَابٌ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَاضِي بِبَلَدِ كَذَا وَهَذَا خَاتَمُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَشْتَبِهَ عَلَى الشُّهُودِ حَالَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ.

[فَصْلٌ شَرَائِطُ قَبُولِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي]

(فَصْلٌ) :

شَرَائِطُ قَبُولِهِ أَشْيَاءُ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ حَتَّى يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي عِنْدَ عُلَمَائِنَا خِلَافًا لِلشَّعْبِيِّ، بِخِلَافِ كِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا جَاءَ إلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَبِخِلَافِ رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي، وَرَسُولِ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا بِالتَّزْكِيَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكِتَابَ أَوْ يُخْبِرَهُمْ بِمَا فِيهِ، حَتَّى لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي وَخَاتَمُهُ وَلَمْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَخْتِمَ الْكِتَابَ بِحَضْرَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ لَا يُقْبَلُ.

وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْبَلُ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَوْ انْكَسَرَ خَاتَمُ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى الْكِتَابِ يَقْبَلُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ.

الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عُنْوَانٌ بِأَنْ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي بَلَدِ كَذَا، حَتَّى لَوْ كَتَبَ اسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَا غَيْرُ، أَوْ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ لَا غَيْرُ، أَوْ كَتَبَ هَذَا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ لَا يَصِحُّ الْكِتَابُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

وَلَوْ كَتَبَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى قَاضِي بَلَدِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِلَى كُلِّ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْكِتَابِ اسْمُ الْقَاضِي، الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، وَاسْمُ أَبِيهِمَا عَلَى عُنْوَانِ الْكِتَابِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكْتُبْ دَاخِلَ الْكِتَابِ الْأَسْمَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عُنْوَانِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْكِتَابِ]

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا جَاءَ الْقَاضِيَ كِتَابُ قَاضٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ وَبَيْنَ خَصْمِهِ ثُمَّ سَأَلَ الَّذِي جَاءَ بِهِ بَيِّنَةَ أَنَّهُ كِتَابُهُ وَخَاتَمُهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ سَأَلَهُمْ: هَلْ قَرَأَهُ عَلَيْكُمْ وَخَتَمَهُ بِحَضْرَتِكُمْ؟ فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ قَبِلَهُ، وَلَا يَقْبَلُ الْكِتَابُ إلَّا بِمَحْضَرِ خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَا يَفْتَحُهُ إلَّا بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ.

وَإِنْ فَتَحَ بِغَيْرِ مَحْضَرِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَقَعُ بِالشَّهَادَةِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ فِيمَا فِيهِ لَا بِالْفَتْحِ، لَكِنَّ الْفَتْحَ سَبَبٌ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مِنْ وَجْهٍ، ثُمَّ يَخْتِمُهُ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ صَارَ حُجَّةً لِلْمُدَّعِي فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ السِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرِ.

<<  <   >  >>