للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَصِيرُ رَاهِنًا جَمِيعَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ.

وَلَوْ رَهَنَ النَّخِيلَ بِمَوَاضِعِهَا جَازَ إذْ هَذِهِ تُجَاوِرُهُ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَيَدْخُلُ التَّمْرُ تَبَعًا لِاتِّصَالِهِ فَيَدْخُلُ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، إذْ بَيْعُ النَّخِيلِ بِلَا تَمْرٍ جَائِزٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إدْخَالِهِ بِلَا ذِكْرٍ، بِخِلَافِ مَتَاعٍ فِي دَارٍ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الدَّارِ بِلَا ذِكْرٍ، إذْ لَا تَبَعِيَّةَ.

وَكَذَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالرَّطْبَةُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ لَا فِي بَيْعِهَا لِمَا مَرَّ، وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي رَهْنِ أَرْضٍ وَدَارٍ وَقَرْيَةٍ لِمَا مَرَّ.

وَلَوْ رَهَنَ دَارًا بِمَا فِيهِ جَازَ، فَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَلَوْ جَازَ رَهْنُ الْبَاقِي ابْتِدَاءً بَقِيَ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِدَعْوَى الْوَقْفِ]

فِي الْقَضَاءِ بِدَعْوَى الْوَقْفِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

أَرْضٌ بِيَدِهِ وَأَرْضٌ أُخْرَى بِيَدِ آخَرَ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَاتَيْنِ الْأَرْضَيْنِ وَقْفٌ عَلَيْهِ، وَقَّفَهُمَا جَدُّهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا. وَأَحَدُ الرَّجُلَيْنِ غَائِبٌ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُمَا مِلْكُ الْوَاقِفِ وَقَّفَهُمَا جَمِيعًا وَقْفًا وَاحِدًا وَذَكَرَ شَرَائِطَ الْوَقْفِ، حُكِمَ عَلَى الْحَاضِرِ بِكَوْنِ الْأَرْضَيْنِ وَقْفًا، إذْ الْحَاضِرُ هُنَا يَصِيرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَّفَ وَقْفَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ يَقْضِي بِمَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ فَقَطْ قَالَهُ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِوَقْفِيَّةٍ بِمَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَحَدِ الْوَرَثَةِ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَصِيرُ خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ، حَتَّى لَوْ ادَّعَى عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى وَارِثٍ لَيْسَ الْعَيْنُ بِيَدِهِ لَا تُسْمَعُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا أَحَدُ الْأَرْضَيْنِ بِيَدِ الْغَائِبِ فَكَيْفَ يَقْضِي بِوَقْفِيَّتِهَا عَلَى الْحَاضِرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: ادَّعَى دَارًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَأَنَا قَيِّمُهُمْ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ وَقْفًا، فَلَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ لِيَأْخُذَ الدَّارَ لَوْ نَكَلَ لَا يُحَلِّفُهُ وِفَاقًا، إذْ الْعَيْنُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا بِصَيْرُورَتِهِ وَقْفًا.

وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْحَسَنِ لَا يُحَلِّفُهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْعَقَارِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُحَلِّفُهُ وَإِنْ نَكَلَ يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ وَيُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ كَيْ لَا يَحْتَالَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ لِدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّارِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْلَافِ وَقْفَهُ فِي صِحَّتِهِ فَمَاتَ وَادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ لَهُ وَأَقَرَّ بِهِ وَرَثَتُهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ، وَضَمِنُوا قِيمَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَنْكَرُوا فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ لِأَخْذِ الْقِيمَةِ، أَيْ لَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُمْ لِيَأْخُذَ الْوَقْفَ فَلَا يَمِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ وِفَاقًا، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقْفٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِيهِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُتَوَلِّي

وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي بِغَيْرِ إطْلَاقِ الْقَاضِي، إذْ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُ، وَيُفْتِي بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَخْذُ الْغَلَّةِ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْغَلَّةِ، وَلَوْ غَصَبَ الْوَقْفَ أَحَدٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْخُصُومَةُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَذَا عَنْ الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ، إذْ الصُّلْحُ كَبَيْعٍ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي بَيْعُهُ

<<  <   >  >>