للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِاخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ يُتْرَكُ.

دَلَّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ صُورَتُهَا: دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فَزَرَعَ فِي آخِرِ السَّنَةِ، لَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ فَيُتْرَكُ بِأَجْرِ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ حُكْمًا إلَى حَصَادِهِ؛ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُزَارِعِ، وَقَدْ رَضِيَ الْمُزَارِعُ هُنَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ فِي الزَّرْعِ حَيْثُ أَخَّرَ الزَّرْعَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ وَمَعَ ذَلِكَ تُرِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ.

وَفِي هَذَا الْفَصْلِ أَيْضًا لَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَقَدْ غَرَسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ شَجَرًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَلْعِهِ إلَّا أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ قِيمَةُ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ إلَى الْإِدْرَاكِ؛ إذْ الزَّرْعُ لَهُ نِهَايَةٌ، بِخِلَافِ الْغَرْسِ اُنْظُرْ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الذَّخِيرَةِ.

[الْبَابُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِدَعْوَى النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ]

فِي الْقَضَاءِ بِدَعْوَى النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَدَعْوَى الْجِهَازِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: بَرْهَنَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ تَقُولُ: إنَّ لِي زَوْجًا فِي بَلَدِ كَذَا وَسَمَّتْهُ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِقْرَارُهَا لِغَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي.

ادَّعَى نِكَاحَهَا فَأَنْكَرَتْ وَلَكِنْ لَمْ تُقِرَّ لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَقَرَّتْ لِهَذَا الْمُدَّعِي يُسْمَعُ إقْرَارُهَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ لِآخَرَ ثُمَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا يُسْمَعُ إقْرَارُهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَقَدْ مَاتَ شُهُودُ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهَا؛ إذْ الْخُصُومَةُ لِتَحْلِيفٍ يُقْصَدُ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا.

وَلَوْ أَقَرَّتْ صَرِيحًا بِنِكَاحِ الْأَوَّلِ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ بِالثَّانِي لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهَا، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى إنْ حَلَفَ الثَّانِي عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ، فَالْآنَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ هِيَ فِي نِكَاحِ غَيْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي اُسْتُحْلِفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ، وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفَ انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ فَإِنْ نَكَلَ يَحْلِفُ بَتَاتًا، فَإِنْ نَكَلَتْ فَهِيَ لِلْمُدَّعِي ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا فَأَنْكَرَ ثُمَّ أَقَرَّ جَازَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ، وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ النِّكَاحَ كَادِّعَائِهِ الْفَسْخَ. وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ادَّعَى نِكَاحَهَا فَأَنْكَرَتْ وَأَقَرَّتْ بِهِ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ وَصَدَّقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي يَحْتَاجُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي بِحَضْرَةِ الْمَرْأَةِ، فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ مَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي يَتَرَجَّحُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ اُنْظُرْ شُرُوطَ الْحَلْوَانِيِّ.

(فَرْعٌ) :

وَفِي الْمُحِيطِ: بَرْهَنَا عَلَى النِّكَاحِ فَلَوْ كَانَتْ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ لَهُ؛ إذْ دُخُولُهُ وَنَقْلُهَا دَلِيلُ سَبْقِ عَقْدِهِ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ الْآخِرِ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ دَلِيلِ السَّبْقِ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالسَّبْقِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا دَخَلَ بِهَا فَلَوْ وَقَّتَا فَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يُؤَقَّتَا أَوْ وَقَّتَا سَوَاءً، فَمَنْ زُكِّيَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْلَى، وَلَوْ زُكِّيَتَا تُسْأَلُ الْمَرْأَةُ فَلَوْ لَمْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالتَّقَدُّمِ فَهِيَ لَهُ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْآخَرِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَذِّرٌ فَسَقَطَا وَبَقِيَ تَصَادُقُ أَحَدِهِمَا مَعَهَا فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِتَصَادُقِهِمَا، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَا حَالَ حَيَاةِ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهَا فَعَلَى وُجُوهٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالْيَدُ، فَلَوْ أَرَّخَا فَهِيَ لِمَنْ سَبَقَ تَارِيخُهُ، وَلَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا سَوَاءً، فَهِيَ لَهُمَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرِثَانِهَا إرْثَ زَوْجٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ حَيَاتِهَا وَمَوْتِهَا أَنَّ الْغَرَضَ فِي حَيَاتِهَا هُوَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ الشَّرِكَةَ، وَالْغَرَضُ فِي مَوْتِهَا هُوَ الْإِرْثُ وَهُوَ مَالٌ يَقْبَلُ الشَّرِكَةَ، فَإِنْ وَلَدَتْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا وَيَرِثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إرْثَ ابْنٍ كَامِلٍ؛ إذْ الْبُنُوَّةُ لَا تَتَجَزَّأُ جُمْلَةً.

<<  <   >  >>