للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلَى بِنْتِهِ إنِّي أَعْطَيْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِنْتِي عَارِيَّةً، أَوْ يَكْتُبَ نُسْخَةً مَعْلُومَةً وَتَشْهَدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ مِلْكُ وَالِدِي عَارِيَّةً مِنْهُ فِي يَدِي، لَكِنَّ هَذَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ لِجَوَازِ أَنَّهُ شَرَاهَا لَهَا فِي صِغَرِهَا، فَبِهَذَا الْإِقْرَارِ لَا يَصِيرُ لِلْأَبِ دِيَانَةٌ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ ثُمَّ تُبْرِئُهُ بِنْتُهُ عَنْ الثَّمَنِ.

وَعَنْ السَّعْدِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ؛ إذْ الْيَدُ اُسْتُفِيدَتْ مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ أَعْرَفُ؛ وَلِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تَبَرُّعٌ وَالْهِبَةَ تَبَرُّعٌ، وَالْعَارِيَّةُ أَدْنَاهُمَا فَحُمِلَ عَلَى الْأَدْنَى، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَالْفَتْوَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ ذَلِكَ جِهَازًا لَا عَارِيَّةً كَمَا فِي دِيَارِنَا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ. قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ.

قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: إنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُجَهِّزُ الْبَنَاتَ بِمِثْلِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ.

(فَرْعٌ) :

كَتَبَ نُسْخَةَ الْجِهَازِ وَأَقَرَّ الْأَبُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِلْكُ الْبِنْتِ لَكِنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَرَوْا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ جُمْلَةً وَاحِدًا بَعْد وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا مِلْكُهَا. مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

تَزَوَّجَهَا وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ وَزُفَّتْ إلَيْهِ فَفَارَقَهَا فَقَالَ: مَا بَعَثْتُهُ فَكُلُّهُ عَارِيَّةٌ، فَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ التَّمْلِيكَ وَلَهَا أَخْذُ مَا بَعَثَتْهُ؛ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ لِلْهِبَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا دَفَعَ إيضَاحٌ: لَوْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ لَكِنَّهَا نَوَتْهُ كَانَ هِبَةً وَبَطَلَتْ نِيَّتُهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ اسْتَهْلَكَتْ مَا بَعَثَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا فَأَنْكَرَ الْهِبَةَ وَحَلَفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّضْمِينُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الزَّوْجُ مَا بَعَثَتْهُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا التَّضْمِينُ. اُنْظُرْ فُصُولَ الْأُسْرُوشَنِيِّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: بَعَثَ إلَى امْرَأَةِ ابْنِهِ ثِيَابًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا عَارِيَّةٌ، صُدِّقَ.

(فَرْعٌ) :

بَعَثَ الزَّوْجُ إلَى أَهْلِ زَوْجَتِهِ أَشْيَاءَ عِنْدَ زِفَافِهَا مِنْهَا دِيبَاجٌ، فَلَمَّا زُفَّتْ إلَيْهِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لَوْ بُعِثَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مِنْ الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

مَاتَتْ فَاِتَّخَذَتْ وَالِدَتُهَا مَأْتَمًا فَبَعَثَ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ بَقَرَةً لِتُذْبَحَ وَتُنْفِقَهَا فَفَعَلَتْ وَطَلَبَ الزَّوْجُ قِيمَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعْ لَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ بِلَا شَرْطِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِأُمِّ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ شَرْطَ الضَّمَانِ. قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

غَرَّهُ فَقَالَ: أُزَوِّجُكَ بِنْتِي وَأُجَهِّزُهَا جِهَازًا عَظِيمًا، فَتَزَوَّجَ وَدَفَعَ الدستيمان إلَى أَبِيهَا ثُمَّ أَبُوهَا لَمْ يُجَهِّزْهَا لَا رِوَايَةَ فِي ذَلِكَ وَأُفْتِي بِأَنَّ الزَّوْجَ يُطَالِبُ أَبَا الْمَرْأَةِ بِالتَّجْهِيزِ، فَإِنْ جَهَّزَ وَإِلَّا يَسْتَرِدُّ مَا زَادَ عَلَى دستيمان مِثْلِهَا، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ الْجِهَازَ بالدستيمان لِكُلِّ دِينَارٍ مِنْ الدستيمان ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ مِنْ الْجِهَازِ أَوْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، فَالزَّوْجُ يُطَالِبُ بِهَذَا الْقَدْرِ وَإِلَّا يَسْتَرِدُّ مَا زَادَ عَلَى دستيمان مِثْلِهَا قَالَهُ فِي فَوَائِدِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ.

وَقَالَ فِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَرْأَةِ، إذْ الْمَالُ فِي بَابِ النِّكَاحِ لَيْسَ بِغَرَضٍ أَصْلِيٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>