للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِمُوجَبِ الْخُلْعِ]

فِي الْقَضَاءِ بِمُوجَبِ الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. الْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَسْخٌ حَتَّى لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَوْ قَضَى بِكَوْنِهِ فَسْخًا قِيلَ يَنْفُذُ وَقِيلَ لَا وَقَدْ مَرَّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ لَهَا بِعْتُكِ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَقُلْ اشْتَرَيْتُ، وَلَوْ قَالَ خَالَعْتُكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ وِفَاقًا، ثُمَّ الْخُلْعُ قَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَقَدْ يَكُونُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْفَارِسِيَّةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: الْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ مِنْ جَانِبِهِ يَمِينٌ عَلَى مَعْنَى التَّمْلِيكِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ قَبِلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَعَلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

تَعْلِيقُ الْخُلْعِ بِالشَّرْطِ يَصِحُّ مِنْهُ لَا مِنْهَا، ثُمَّ الْخُلْعُ لَوْ عُلِّقَ بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَقَدْ خَالَعْتُكِ عَلَى كَذَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ بِعْتُ طَلَاقَهَا مِنْكِ بِكَذَا، فَالْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ، حَتَّى لَوْ قَبِلَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ أَوْ قَالَتْ: شَرَيْتُ طَلَاقَهَا تَطْلُقُ لَا لَوْ قَبِلَتْ قَبْلَ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ الزَّوْجِ خُلْعٌ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَشَرْطُ الْقَبُولِ بَعْدَهُ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَرْأَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا، وَخِيَارُ الزَّوْجِ لَمْ يَجُزْ وِفَاقًا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهِ يَمِينٌ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ الْخِيَارَ، وَمِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ تَقْبَلُهُ.

(فَرْعٌ) :

قَالَ فِي فَوَائِدِ نِظَامِ الدِّينِ: خَالَعَهَا وَقَالَتْ: إنْ لَمْ أُرِدْ الْبَدَلَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَكُونُ الْخُلْعُ بَاطِلًا وَلَمْ تُرِدْ فَهَذَا خُلْعٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، مَرَّ حُكْمُهُ قَرِيبًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ فَقَبِلَتْ سَقَطَ الْمَهْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا. مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي الصُّغْرَى: أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِالْمُسَمَّى مِنْ الْمَالِ، هَلْ يُوجِبُ بَرَاءَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمَهْرِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ وَبِهِ يُفْتَى، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وِفَاقًا فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إلَّا بِالشَّرْطِ، وَكَذَا لَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَأَجْرِ الرَّضَاعِ. وَالنَّفَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ هَلْ تَسْقُطُ؟ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ بِقَضَاءٍ ثُمَّ خَالَعَهَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وِفَاقًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

اخْتَلَعَتْ عَلَى كُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ وَنَفَقَةَ الْعِدَّةِ يَكْفِي، وَيَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ؛ إذْ الْمَهْرُ يَجِبُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ تَجِبُ بَعْدَهُ اُنْظُرْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِمُوجَبِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ]

وَأَحْكَامِهَا فِي النِّكَاحِ قَالَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: الْمُخْتَارُ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ فِي الطَّلَاقِ الْمُضَافِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِجَازَتِهِ قَوْلًا لَا فِعْلًا، سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِأَنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَطَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا

<<  <   >  >>