للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَالُ الْمَهْرِ، وَلَا يُرَدُّ الزَّوْجُ بِجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ عِنْدَ الْحَسَنِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا رَدُّهُ، وَلَا يُرَدُّ الزَّوْجُ بِعُنَّةٍ وَجَبٍّ، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْإِرْسَالِ بِالْمَعْرُوفِ وَالتَّفْرِيقِ بِنَاءً عَلَيْهِ، وَلِذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ الْعُنَّةِ وَالْجَبِّ طَلَاقًا بَائِنًا. كَذَا فِي قَاضِي خَانَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

خِيَارُ الْعِتْقِ لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَعَتَقَتْ قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا حَقُّ الْفَسْخِ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ قِنًّا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا خِيَارَ لَهَا فِي زَوْجٍ حُرٍّ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ الصَّغِيرَةُ أَوْ الْكَبِيرَةُ لَوْ زَوَّجَهَا الْمَوْلَى بِرِضَاهَا فَعَتَقَتْ بِأَدَاءٍ أَوْ تَحْرِيرٍ تَتَخَيَّرُ عِنْدَنَا، وَهَذَا الْخِيَارُ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ يَثْبُتُ لِلْأُنْثَى لَا لِلذَّكَرِ، وَوُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا يَبْطُلُ بِسُكُوتٍ.

وَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، إلَّا إذَا أَبْطَلَتْهُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا وَبِنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا يُفَارَقُ هَذَا الْخِيَارُ وَالْمُخَيَّرَةُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ الْفُرْقَةَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ لَا تَكُونُ طَلَاقًا بِخِلَافِ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِتَسْلِيطِ الزَّوْجِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلطَّلَاقِ. اُنْظُرْ قَاضِي خَانَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: خِيَارُ الْبُلُوغِ كَشُفْعَةٍ، فَإِنَّهَا كَمَا بَلَغَتْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا كَالشَّفِيعِ وَتُشْهِدَ عَلَى النَّقْضِ لَوْ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا، تَخْرُجُ إلَى النَّاسِ وَتَخْتَارُ ثَانِيًا، وَلَوْ لَمْ تَخْتَرْ فِي بَيْتِهَا حَتَّى خَرَجَتْ إلَى النَّاسِ بَطَلَ خِيَارُهَا، وَالْإِشْهَادُ لَا يُشْتَرَطُ لِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا لَكِنْ شَرْطٌ لِإِثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ لِيَسْقُطَ الْيَمِينُ عَنْهَا، وَتَحْلِيفُهَا عَلَى اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا كَتَحْلِيفِ الشَّفِيعِ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ قَالَتْ لِلْقَاضِي: اخْتَرْتُ نَفْسِي حِينَ بَلَغْتُ، أَوْ حِينَ بَلَغْتُ طَلَبْتُ الْفُرْقَةَ، صُدِّقَتْ مَعَ الْيَمِينِ، وَلَوْ قَالَتْ: بَلَغْتُ أَمْسِ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ، لَا يُقْبَلُ وَتَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ، وَكَذَا الشَّفِيعُ لَوْ قَالَ: طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْتُ، فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْتُ أَمْسِ وَطَلَبْتُ، لَا يُقْبَلُ وَيُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ.

(فَرْعٌ) :

قَالَ فِي الْأَصْلِ: شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ كَشَرْطِهِ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ هُوَ فِي الْبَيْعِ جَائِزٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا مُؤَقَّتًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ شَرَطَ أَكْثَر فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لَوْ شَرَطَ أَبَدًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَوْ ذَكَرَا وَقْتًا مَعْلُومًا كَشَهْرٍ وَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يَجُوزُ، وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي فُصُولِ الْفِقْهِ: هُوَ يَصِحُّ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ: فِي بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَقِسْمَةٍ، وَصُلْحٍ مِنْ مَالٍ بِعَيْنِهِ، وَكِتَابَةٍ، وَخُلْعٍ، وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَرْأَةِ، وَالْقِنِّ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَلَوْ شَرَطَ لِلزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ وِفَاقًا، وَلَوْ شَرَطَ لِلرَّاهِنِ جَازَ لَا لِلْمُرْتَهِنِ إذْ لَهُ نَقْضُ الرَّهْنِ مَتَى شَاءَ بِلَا خِيَارٍ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ لِلْكَفِيلِ جَازَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بِخِيَارٍ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَازَ كَبَيْعٍ، فَلَوْ فَسَخَ فِي الثَّالِثِ، هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ يَوْمَيْنِ؟ أَفْتَى صَاحِبُ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَفَعَ بَطَلَ خِيَارُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

بَاعَ بِخِيَارٍ فَوَهَبَ أَوْ رَهَنَ وَسَلَّمَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ بَاعَ لَوْ فَعَلَ بِالْمَبِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمِلْكِ كَوَطْءٍ وَقُبْلَةٍ وَنَظَرٍ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ كَانَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا، وَالنَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِلَا شَهْوَةٍ لَا يُبْطِلُهُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ غَصَبَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَلَا إبْطَالًا لِلْخِيَارِ.

وَكَذَا لَوْ بَاعَ قِنَّهُ بِخِيَارِ يَوْمٍ عَلَى أَنْ يَغُلَّهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ جَازَ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ.

وَلَوْ بَاعَ كَرْمًا عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ؛ إذْ الْغَلَّةُ وَالْمَنْفَعَةُ لَا يُقَابِلُهُمَا الثَّمَنُ فَلَمْ يَكُنْ مُتْلِفًا جُزْءًا مِنْ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ.

بَاعَ دَارًا فِيهِ سَاكِنٌ بِأَجْرٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَرَضِيَ بِهِ السَّاكِنُ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الْأَجْرَ مِنْ السَّاكِنِ بَطَلَ خِيَارُهُ، وَلَوْ شَرَى دَارًا بِخِيَارٍ فَدَامَ عَلَى السُّكْنَى لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَلَوْ ابْتَدَأَ السُّكْنَى بَطَلَ خِيَارُهُ.

<<  <   >  >>