للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ فِيمَا يَبْطُلُ مِنْ الْعُقُودِ بِالشَّرْطِ]

وَمَا لَا يَبْطُلُ، وَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَإِضَافَتُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ اعْلَمْ أَنَّ تَعْلِيقَ النِّكَاحِ بِشَرْطِ عِلْمٍ لِلْحَالِ يَجُوزُ وَيَكُونُ تَحْقِيقًا كَقَوْلِهِ لِآخَرَ: زَوِّجْنِي بِنْتَكَ، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ هَذَا، فَكَذَّبَهُ الْخَاطِبُ فَقَالَ: إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْكَ، وَقَبِلَ الْآخَرُ وَظَهَرَ كَذِبُهُ يَنْعَقِدُ هَذَا؛ إذْ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَحَقَّقَ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ فَوْقَنَا وَالْأَرْضُ تَحْتَنَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ تَعْلِيقَ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ يَصِحُّ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: " مَال بِمِنْ بد " قَالَ: " بِفُلَانِ داده " أَمْ فَقَالَ: " اكرداده بِفُلَانِ ارشده آن توداده است " صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، وَذَكَرَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: إذَا جَاءَ يَلْمَسُوهُنَّ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا بِكَذَا لَمْ يَجُزْ؛ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا إنْ رَضِيَ فُلَانٌ جَازَ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا إنْ شِئْتَ فَقَالَ: قَبِلْتُ تَمَّ الْبَيْعُ، وَذَكَرَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْإِمْهَالِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ وَاجِبًا بِسَبَبِ الْغَرَضِ بِأَنْ قَالَ: " أكراين مَالْ أزان منست يك ماه ترازمان دادم " صَحَّ التَّأْجِيلُ، وَلَوْ قَالَ لِقِنِّهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ صَحَّ الْإِذْنُ، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ يَلْمَسُوهُنَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ صَحَّ، لَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ يَلْمَسُوهُنَّ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ. وَالْقَاضِي لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ حَجَرْتُ عَلَيْكَ إذَا سَفِهْت، لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِحَجْرِهِ، وَلَوْ قَالَ لِسَفِيهٍ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ إذَا صَلَحْتَ جَازَ.

وَلَوْ قَالَ الْمُخَيَّرُ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فِي خِيَارِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ أَرُدَّهُ الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْطَلْتُ خِيَارَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْيَوْمَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَبْطَلْتُ خِيَارِي غَدًا أَوْ قَالَ: أَبْطَلْتُ خِيَارِي إذَا جَاءَ يَلْمَسُوهُنَّ بَطَلَ خِيَارُهُ.

وَتَعْلِيقُ الْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ مَا أَوْجَبَ الْآخَرَ هَلْ يَصِحُّ؟ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: " فروختم جون بِهَا يمن رسد " إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتُ ثَمَنَ هَذَا فَقَدْ بِعْتُ مِنْكَ صَحَّ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ.

وَقِيلَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ

وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ نَحْوِ إذَا قَدِمَ أَوْ اسْتَحَقَّ زَيْدٌ الْمَبِيعَ فَأَنَا ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا مَحْضًا نَحْوَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ أَوْ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لَا الشَّرْطُ، وَمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ.

وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بِأَنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتَ أَنْتَ فَقَدْ سَلَّمْتُ الشُّفْعَةَ، فَلَوْ اشْتَرَى غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَالْإِقَالَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكِتَابَةِ بِالشَّرْطِ وَتَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

جُمْلَةُ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى زَمَانٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: إجَارَةٌ، وَفَسْخُهَا، وَمُزَارَعَةٌ، وَمُعَامَلَةٌ، وَمُضَارَبَةٌ وَوَكَالَةٌ، وَكَفَالَةٌ، وَإِيصَاءٌ، وَوَصِيَّةٌ، وَقَضَاءٌ، وَإِمَارَةٌ، وَطَلَاقٌ، وَعِتْقٌ، وَوَقْفٌ.

وَمَا لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ عَشْرَةٌ: بَيْعٌ وَإِجَازَتُهُ، وَفَسْخُهُ، وَقِسْمَةٌ، وَشَرِكَةٌ، وَهِبَةٌ، وَنِكَاحٌ، وَرَجْعَةٌ، وَصُلْحٌ عَنْ مَالٍ، وَإِبْرَاءُ دَيْنٍ. اُنْظُرْ الْعُدَّةَ

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الْعُدَّةِ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَالتَّوْكِيلُ إلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ هَلْ يَنْتَهِي بِمُضِيِّهَا؟ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>