للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ لَهُ مَخُوفًا: وَإِنْ أَخَذَ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، ضَمِنَ، فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ قَضَاءٌ، وَلَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لبرار: اجْعَلْ الْبُرَّ فِي الدَّلْوِ، فَجَعَلَهُ فِيهِ فَذَهَبَ مِنْ الثَّقْبِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ؛ إذْ غَرَّهُ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ وَهُوَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ أَخَذَ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ، مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: مَنْ غَصَبَكَ مِنْ النَّاسِ أَوْ مَنْ بَايَعْتَ مِنْ النَّاسِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَسَاوَمَهُ رَبُّ حَانُوتٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ: أَحْضِرْ رَبَّ الثَّوْبِ لِأُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَذَهَبَ وَعَادَ فَلَمْ يَجِدْ الثَّوْبَ فِي الْحَانُوتِ، وَرَبُّ الْحَانُوتِ يَقُولُ: أَنْتَ أَخَذْتَهُ وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَخَذْتُهُ بَلْ تَرَكْتُهُ عِنْدَك، صُدِّقَ الدَّلَّالُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِيرٌ، وَأَمَّا رَبُّ الْحَانُوتِ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ رَبُّ الْحَانُوتِ لِيَشْتَرِيَهُ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَمْ يَضْمَنْ؛ إذْ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَضْمَنُ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ. مِنْ كِتَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ لِصَاحِبِ الْمُحِيطِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ عَرَضَهُ الدَّلَّالُ عَلَى رَبِّ دُكَّانٍ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ فَهَرَبَ رَبُّ الدُّكَّانِ فَذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْ الدَّلَّالُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ. قَالَهُ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى.

(فَرْعٌ) :

قَالَ وَكِيلُ الْبَيْعِ بِعْتُهُ مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْتُهُ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُمْقُمَةِ وَهِيَ: دَفَعَ إلَيْهِ قُمْقُمَةً وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى مَنْ يُصْلِحُهَا فَدَفَعَهَا وَلَا يَعْلَمُ إلَى مَنْ دَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ، كَمَنْ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتِهِ وَنَسِيَهَا وَقَدْ هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ. مِنْ فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ.

(فَرْعٌ) :

وَكَّلَهُ بِبَيْعِ قِنِّهِ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَبَاعَهُ ضَمِنَ اسْتِحْسَانًا، وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَلَى الْآمِرِ لِتَقْيِيدِ الْوَكَالَةِ بِالْمِصْرِ فَخَالَفَ بِإِخْرَاجِهِ ضَمِنَ، وَوَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا، فَلَوْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ الْمُودِعُ، وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي بَيْعِهِ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ شَرْحِ الْحِيَلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي الْعُدَّةِ: دَفَعَ خُفَّهُ إلَى خَفَّافٍ لِيُصْلِحَهُ وَتَرَكَهُ فِي دُكَّانِهِ لَيْلًا فَسُرِقَ بَرِئَ لَوْ كَانَ فِي الدُّكَّانِ حَافِظٌ وَفِي السُّوقِ حَارِسٌ، وَإِلَّا ضَمِنَ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: كَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِالْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ أَنْ يَتْرُكُوا الْأَشْيَاءَ فِي الْحَوَانِيتِ بِلَا حَارِسٍ وَلَا حَافِظٍ يَبْرَأُ، لَا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ دُكَّانِهِ إلَى صَلَاتِهِ وَفِيهِ الْوَدَائِعُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ؛ إذْ جِيرَانُهُ يَحْفَظُونَهُ، لَيْسَ هَذَا إيدَاعُ الْمُودِعِ إلَى غَيْرِهِ لِيُقَالَ لَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُودِعَ لَكِنْ هَذَا مُودِعٌ لَمْ يُضَيِّعْ. مِنْ فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

مَاتَ الْمُودِعُ مُجْهِلًا ضَمِنَ، يَعْنِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْوَدِيعَةِ، أَمَّا إذَا عَرَفَهَا الْوَارِثُ وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ، فَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْتُهَا، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ لَوْ فَسَّرَهَا بِأَنْ قَالَ: كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ هَلَكَتْ، صُدِّقَ لِكَوْنِهَا عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْعُدَّةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ رَبُّهَا: مَاتَ مُجْهِلًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُودِعِ: كَانَتْ قَائِمَةً وَمَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْد مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي الظَّاهِرِ فِي التَّرِكَةِ فَلَا تُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ.

وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ، لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَوْتِهِ مُجْهِلًا فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ، وَلَوْ بَرْهَنُوا أَنَّ الْمُودِعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: رَدَدْتُهَا، يُقْبَلُ؛ إذْ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ كَثَابِتٍ بِعِيَانٍ.

<<  <   >  >>