للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِرْثِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَوْعٌ آخَرُ يَجْرِي مَجْرَى الْخَطَأِ، وَهُوَ النَّائِمُ يَنْقَلِبُ عَلَى إنْسَانٍ فَيَقْتُلُهُ.

تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: قَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا تَعَمَّدَ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْهُ سِوَى مَا تَعَمَّدَ فَهُوَ عَمْدٌ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهُ فَهُوَ خَطَأٌ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: رَجُلٌ تَعَمَّدَ أَنْ يَضْرِبَ يَدَ رَجُلٍ بِسَيْفٍ فَأَخْطَأَ فَأَصَابَ عُنُقَهُ وَأَبَانَ رَأْسَهُ فَهُوَ عَمْدٌ، وَلَوْ أَرَادَ يَدَ رَجُلٍ فَأَصَابَ عُنُقَ غَيْرِهِ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَ غَيْرَ مَا تَعَمَّدَ.

وَفِي الْأُولَى أَصَابَ مَا تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إتْلَافَ طَرَفِ ذَلِكَ الرَّجُلِ.

وَلَوْ رَمَى قَلَنْسُوَةَ رَجُلٍ عَلَى رَأْسِهِ فَأَصَابَ رَجُلًا فَهُوَ خَطَأٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَصَدَ الْقَلَنْسُوَةَ فَأَصَابَ السَّيْفُ رَأْسَهُ فَهُوَ خَطَأٌ، وَلَوْ رَمَى رَجُلًا فَأَصَابَ حَائِطًا ثُمَّ رَجَعَ السَّهْمُ فَأَصَابَ الرَّجُلَ فَقَتَلَهُ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إصَابَةِ الْحَائِطِ، وَرُجُوعُ السَّهْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى إصَابَةِ الْحَائِطِ لَا عَلَى الرَّمْيِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْمُسَبَّبَيْنِ، وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى آخِرِ السَّبَبَيْنِ وُجُودًا. اُنْظُرْ الْمُحِيطَ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْقَتْلُ بِطَرِيقِ التَّسَبُّبِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ دِيَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا حِرْمَانُ الْإِرْثِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُلْحَقُ بِالْخَطَأِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ، فَمَا جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ فَهُوَ عَمْدٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ: لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا ضَرْبَةً لَا أَثَرَ لَهَا فِي النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: رَجُلٌ صَاحَ عَلَى آخَرَ فَخَافَ فَمَاتَ مِنْ صَيْحَتِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَوْ سَلَخَ جِلْدَةَ وَجْهِهِ فَمَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ.

(فَصْلٌ) :

لَوْ قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا، وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَقْضِ، وَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ وَيَضْرِبُ عِلَاوَتَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ السَّيْفِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِالْعَصَا أَوْ بِالْحَجَرِ أَوْ سَاقَ عَلَيْهِ دَابَّةً أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَلْقَاهُ فِيهَا أَوْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ، وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِنَفْسِهِ وَيَأْمُرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِهِ، فَإِذَا قَتَلَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، هَذَا إذَا قَتَلَ، وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا قَتَلَ فَقَالَ الْوَلِيُّ: كُنْتُ أَمَرْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ.

: رَجُلَانِ اصْطَدَمَا فَوَقَعَا فَمَاتَا، إنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِهِ لَا شَيْءَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دِيَةِ صَاحِبِهِ.

وَإِنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَلَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهِ.

(فَرْعٌ) :

مِنْدِيلٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا طَرَفًا، وَالْآخَرُ الطَّرَفَ الْآخَرَ فَتَجَاذَبَا فَوَقَعَا فَمَاتَا، فَإِنْ وَقَعَا مُنْبَطِحَيْنِ تَجِبُ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ وَقَعَا مُسْتَلْقِيَيْنِ عَلَى قَفَاهُمَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا مُنْبَطِحًا وَالْآخَرُ مُسْتَلْقِيًا لَا تَجِبُ دِيَةُ الْمُسْتَلْقِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْمُنْبَطِحِ.

وَفِي الْعُيُونِ: لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ الْمِنْدِيلَ فَوَقَعَا عَلَى أَقْفِيَتِهِمَا فَمَاتَا ضَمِنَ الْقَاطِعُ دِيَتَهُمَا وَالْمِنْدِيلَ، كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ شَيْءٌ لَا الدِّيَةُ وَلَا الْقِصَاصُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

صَبِيٌّ فِي يَدِ أَبِيهِ جَذَبَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِ أَبِيهِ وَالْأَبُ يُمْسِكُهُ حَتَّى مَاتَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى مَنْ جَذَبَهُ وَيَرِثُهُ أَبُوهُ، وَإِنْ جَذَبَهُ الرَّجُلُ وَجَذَبَهُ الْأَبُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ وَلَا يَرِثُهُ أَبُوهُ.

<<  <   >  >>