للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

إذَا رَجَعَ شَارِبُ الْمُسْكِرِ أَوْ الْخَمْرِ عَنْ إقْرَارِهِ لَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي الرُّجُوعِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ سَكْرَانُ لَا يُحَدُّ لِجَوَازِ كِذْبِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ السُّكْرِ فَتَقُومُ الشُّبْهَةُ، وَلَا كَذَلِكَ سَائِرُ الْحُقُوقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وُجِدَ سَكْرَانُ وَتُوجَدُ مِنْهُ الرَّائِحَةُ لَا يُحَدُّ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَلَوْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ دُونَ السُّكْرِ يُعَزَّرُ وَلَا يُؤَخَّرُ التَّعْزِيرُ حَتَّى يَزُولَ السُّكْرُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ وُجِدَ يَحْمِلُ آنِيَةً فِيهَا خَمْرٌ يُعَزَّرُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُضْرَبُ الْمُسْلِمُ بِبَيْعِ الْخَمْرِ ضَرْبًا وَجِيعًا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ حَتَّى يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ، فَإِنْ بَاعَ فِي الْمِصْرِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ الضَّرْبُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ.

(فَرْعٌ) :

وَيُنْزَعُ ثَوْبُ الشَّارِبِ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَيُفَرَّقُ عَلَى أَعْضَائِهِ كَمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الزِّنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَضَرْبُ الشَّارِبِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاذِفِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، وَسَبَبُ حَدِّ الْقَذْفِ مُتَرَدِّدٌ.

[فَصْلٌ حُكْم الْحَشِيشَةُ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْحَشِيشَةُ فَفِيهَا الْأَدَبُ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهَا تُغَطِّي الْعَقْلَ، بِخِلَافِ الْعَقَاقِيرِ الْهِنْدِيَّةِ فَإِنْ أُكِلَتْ لِتَغْطِيَةِ الْعَقْلِ امْتَنَعَ أَكْلُهَا حِينَئِذٍ.

(فَرْعٌ) :

وَالظَّاهِرُ جَوَازُ مَا سُقِيَ مِنْ الْمُرْقِدِ لِقَطْعِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُرْقِدِ مَأْمُونٌ، وَضَرَرُ الْعُضْوِ غَيْرُ مَأْمُونٍ.

[فَصْلٌ فِي السَّرِقَة]

(فَصْلٌ) :

السَّارِقُ كُلُّ بَالِغٍ عَاقِلٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، وَإِذَا كَانَ فِي جَمَاعَةِ السُّرَّاقِ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَلِيَا إخْرَاجَ الْمَتَاعِ دُرِئَ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وَلِيَ سِوَاهُمَا قُطِعُوا إلَّا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلَيْنِ أَقَرَّا بِسَرِقَةِ ثَوْبٍ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: الثَّوْبُ ثَوْبُنَا لَمْ نَسْرِقْهُ دُرِئَ عَنْهُمَا الْقَطْعُ.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقْنَا هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْمُقِرُّ وَحْدَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

وَلَوْ شَارَكَ صَبِيٌّ أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٌ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، أَوْ كَانَ شَرِيكًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فِي الْمَتَاعِ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجِبُ عَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ وَالْمَحْرَمِ، وَلَا يَجِبُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا شَرِيكًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا كَانَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ أَخْرَسُ.

[فَصْلٌ النِّصَابَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ]

(فَصْلٌ) :

لَا خِلَافَ فِي أَنَّ النِّصَابَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْقَطْعِ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ تِبْرًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا سَرَقَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ قُطِعَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ إذَا كَانَ جَارِيًا، وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ كَامِلَةً وَقْتَ السَّرِقَةِ ثُمَّ انْتَقَصَتْ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي عَيْنِهَا لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ السِّعْرِ سَقَطَ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَلَوْ سَرَقَ فِي بَلَدٍ وَوُجِدَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ أَنْقَصُ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى تَكُونَ الْقِيمَةُ فِي الْبَلَدَيْنِ عَشْرَةً. اُنْظُرْ الْإِيضَاحَ.

[فَصْلٌ الْحِرْز فِي السَّرِقَة]

(فَصْلٌ) :

وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحِرْزَ مُعْتَبَرٌ وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا بِمَا يُعَدُّ لِلْإِحْرَازِ كَالدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ

<<  <   >  >>