للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ صَدَّقَ الْمَقْذُوفُ الْقَاذِفَ فِي قَذْفِهِ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِذَلِكَ جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَذْفِ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ صَدَّقَهُ جَازَتْ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

(فَرْعٌ) :

وَلَوْ ادَّعَى الْمَقْذُوفُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ عَلَى قَذْفِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَحْبِسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مِنْ مَجْلِسِهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُلَازَمَةَ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ.

(فَرْعٌ) :

لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا أَوْ شَاهِدَيْنِ لَا يَعْرِفُهُمَا الْقَاضِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحْبِسُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَحْبِسُهُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِإِثْبَاتٍ الْحَقِّ، بِخِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُمَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْحُجَّةُ تُوجَدُ بِالْعَدَدِ وَيُعْمَلُ بِهَا عِنْدَ الْعَدَالَةِ، وَإِذَا وُجِدَ الْوَاحِدُ عَدْلًا وُجِدَ الْوَصْفُ وَالْعَمَلُ لِلشَّهَادَةِ فَأَوْرَثَ التُّهْمَةَ، وَالْحَبْسُ شَرْعٌ عِنْدَ التُّهْمَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ التَّجْرِيدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَاحِدَةً وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً أُخْرَى خَارِجَ الْمِصْرِ لَا يُحْبَسُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ شُهُودَهُ غُيَّبٌ وَطَلَبَ التَّأْجِيلَ مِنْ الْقَاضِي لَمْ يُؤَجِّلْهُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ شُهُودَهُ حُضُورٌ فِي الْمِصْرِ أَجَلَّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيَامِ الْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ وَيَقُولُ: ابْعَثْ إلَى شُهُودِكَ وَأَحْضِرْهُمْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُؤَجَّلُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَفِيلُ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إنَّ التَّكْفِيلَ اسْتِيثَاقٌ، وَإِنَّهُ لَا يُلَائِمُ الْحُدُودَ، وَالتَّأْجِيلُ أَكْثَرُ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي مَنْعٌ عَنْ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ بِلَا حُجَّةٍ فَلَا يَجُوزُ.

(فَرْعٌ) :

رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَبْعَثُ بِهِ إلَى الشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبْعَثُ مَعَهُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرَطِ مَنْ يَحْفَظُونَهُ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يَفِرَّ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ضُرِبَ الْحَدَّ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى صِدْقِ قَذْفِهِ أَطْلَقْتُ شَهَادَتَهُ وَأَجَزْتُهَا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا، وَكَلَامُهُ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا، وَأَنَّهُ جُلِدَ خَطَأً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ مَنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِحَدِّ الْقَذْفِ]

(فَصْلٌ) :

فِيمَنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَدِّ

حَدُّ الْقَذْفِ لَا يُوَرَّثُ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالْإِرْثُ لَا يَجُوزُ فِي حُقُوقِهِ، وَلَوْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِوَلَدِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْحَدِّ، وَلِابْنِ الِابْنِ وَبِنْتِ الِابْنِ، وَلَا يَأْخُذُ الْحَدَّ لِلْمَيِّتِ إلَّا وَالِدٌ أَوْ وَلَدٌ، وَلَا يَأْخُذُ ذَلِكَ أَخٌ وَلَا عَمٌّ وَلَا مَوْلًى؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ يَتَنَاوَلُ الْوَلَدَ بِاعْتِبَارِ الْإِيجَادِ الثَّابِتِ بِالْجُزْئِيَّةِ وَلَا جُزْئِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ وَلَدُ الِابْنِ وَوَلَدُ الْبِنْتِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَأْخُذُ الْحَدَّ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ، يُرِيدُ بِهِ وَلَدَ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ بِالْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ، وَيَجُوزُ لِلْأَبْعَدِ مِنْ الْوَلَدِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْحَدِّ مَعَ بَقَاءِ الْأَقْرَبِ، فَيَكُونُ لِابْنِ الِابْنِ أَنْ يُطَالِبَ مَعَ بَقَاءِ الِابْنِ خِلَافًا لِزُفَرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يُطَالِبَ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ وَإِنْ عَلَا بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَلَا جَدَّتَهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ عُقُوبَةٌ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ وِلَايَةُ عُقُوبَةٍ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ كَالْقِصَاصِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْحَاكِمِ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: أَعْرِضْ عَنْ هَذَا.

[فَصْلٌ فِي الْحِرَابَةِ وَعُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

(فَصْلٌ) :

<<  <   >  >>