للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ) :

حَجَّامٌ قَالَ لِآخَرَ: إنَّ فِي عَيْنِكَ لَحْمًا إنْ لَمْ تَزُلْ عَمِيَتْ عَيْنُكَ، فَقَالَ: أَنَا أُزِيلُهُ عَنْكَ، فَقَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِحَاذِقٍ فِي هَذِهِ الصَّنْعَةِ فَعَمِيَتْ عَيْنُ الرَّجُلِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ اُنْظُرْ الْمَنِيَّةَ.

(فَرْعٌ) :

سُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَلِيمِيُّ عَنْ صَبِيَّةٍ سَقَطَتْ مِنْ السَّطْحِ فَانْفَتَحَ رَأْسُهَا فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْجَرَّاحِينَ إنْ شَقَقْتُمْ رَأْسَهَا تَمُوتُ وَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: إنْ لَمْ تَشُقُّوهُ الْيَوْمَ أَنَا أَشُقُّهُ وَأُبْرِئُهَا فَشَقَّهُ ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ هَلْ يَضْمَنُ؟ فَتَأَمَّلَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ: لَا إذَا كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ وَكَانَ مُعْتَادًا وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا خَارِجَ الرَّسْمِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّمَا أَذِنُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عِلَاجُ مِثْلِهَا، فَقَالَ ذَلِكَ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَاعْتَبَرَ نَفْسَ الْإِذْنِ، قِيلَ لَهُ: فَلَوْ قَالَ هَذَا الْجَرَّاحُ: إنْ مَاتَتْ فَأَنَا ضَامِنٌ هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَا.

(فَرْعٌ) :

وَفِي جِنَايَاتِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْكَحَّالِ: دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ: لَوْ أَمَرَ حَجَّامًا أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ فَقَلَعَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَقْلَعَ غَيْرَ هَذَا السِّنِّ وَقَالَ الْحَجَّامُ: أَمَرْتنِي بِقَلْعِ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ.

وَزَادَ الْقَاضِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِهِ: إنَّ عَلَى الْآمِرِ الْيَمِينَ إذَا ادَّعَى الْقَالِعُ الْإِذْنَ فِيمَا قَلَعَ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَنِيَّةَ.

وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَسُئِلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَنْ فَصَّادٍ جَاءَ إلَيْهِ غُلَامٌ وَقَالَ: أَفْصِدْنِي فَفَصَدَهُ فَصْدًا مُعْتَادًا فَمَاتَ بِهِ قَالَ: يَضْمَنُ قِيمَةَ الْقِنِّ وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَصَّادِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأُ، وَكَذَا الصَّبِيُّ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَصَّادِ.

وَسُئِلَ عَمَّنْ فَصَدَ نَائِمًا وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ بِسَيَلَانِهِ قَالَ: يُقَادُ مِنْهُ.

[فَصْلٌ وَمِنْ الْأَفْعَالِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ]

(فَصْلٌ) :

ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ: الْأُسْتَاذُ فِي كُلِّ عَمَلٍ إذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ أَوْ الْعَبْدَ لِلتَّعْلِيمِ فَهَلَكَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لَا يَضْمَنُ.

وَلَوْ ضَرَبَ الْأَبُ فَمَاتَ ضَمِنَ، وَكَذَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَضْرِبُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ضَرْبِهِ عَائِدَةٌ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ ضَرَبَهُ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ.

وَكَذَا الرَّجُلُ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ.

وَفِي الْعُيُونِ فِي الْأَبِ إذَا ضَرَبَ الِابْنَ فَمَاتَ لَا يَرِثُ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَيَرِثُ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُمَا.

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الصَّائِغِ]

(فَصْلٌ) :

قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: دَفَعَ إلَى صَائِغٍ ذَهَبًا لِيَتَّخِذَهُ سِوَارًا مَنْسُوجًا، وَالنَّسْجُ لَا يَعْمَلُهُ هَذَا الصَّائِغُ، فَأَصْلَحَ الذَّهَبَ وَدَفَعَهُ إلَى مَنْ يَنْسِجُهُ فَسُرِقَ مِنْ الثَّانِي.

قَالُوا: لَوْ دَفَعَ الصَّائِغُ الْأَوَّلُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَجِيرَ الْأَوَّلِ وَلَا تِلْمِيذَهُ ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلَوْ سُرِقَ مِنْهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ صَارَ مُودَعًا، فَأَمَّا مَا دَامَ فِي الْعَمَلِ كَانَ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ لِتَصَرُّفِهِ بِلَا إذْنِ مَالِكِهِ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُودَعُ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا.

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الْمَلَّاحِ]

(فَصْلٌ) :

غَرِقَتْ السَّفِينَةُ، فَلَوْ مِنْ رِيحٍ أَصَابَهَا أَوْ مَوْجٍ أَوْ جَبَلٍ صَدَمَهَا بِلَا مَدِّ مَلَّاحٍ وَفِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ بِفِعْلِهِ، فَلَوْ خَالَفَ بِأَنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ ضَمِنَ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُجَاوِزْ عِنْدَنَا لِمَا مَرَّ.

<<  <   >  >>