للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَذَّبَهَا. اُنْظُرْ الْقِنْيَةَ. .

وَمَا حُكِيَ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ إذَا كَذَّبَ شُهُودَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدُوا بِهِ انْتَقَضَ الْقَضَاءُ فَكَذَا هَذَا.

وَمِنْهَا: لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مَالًا وَبَيَّنَ نَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ فُلَانٌ آخَرُ هَذَا الْمَالَ الْمُسَمَّى وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ، لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْطَالًا لِلدَّعْوَى مِنْ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ قَالَ: لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَحْدُودًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ مَاتَ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَحْدُودَ مِلْكًا مُطْلَقًا، لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَالْوَارِثُ قَامَ مَقَامَ الْمَوْرُوثِ، مِنْ الْمَنِيَّةِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِمُوَكِّلِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ادَّعَى رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ، لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْغَائِبِ وَلَمْ يَنْتَصِبْ عَنْهُ خَصْمٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْمَعَ شَهَادَتَهُ لِيَكْتُبَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لَيْسَ بِقَضَاءٍ بَلْ هُوَ نَقْلٌ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْخَصْمِ، فَإِنْ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ بِغَيْرِ خَصْمٍ جَازَ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْخَصْمِ شَرْطٌ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَنَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِمُوَكِّلِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِالْوَكَالَةِ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ قَضَاءً عَلَيْهِ وَعَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا بِسَبَبِ الْوَكَالَةِ فَكَانَ إثْبَاتُ السَّبَبِ عَلَيْهِ إثْبَاتًا عَلَى الْكَافَّةِ، حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ آخَرَ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَا يُكَلَّفُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ.

(فَرْعٌ) :

رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَكَّلْتُ هَذَا الرَّجُلَ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لِي. وَالْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكَّلَ، جَازَ.

وَإِنْ غَابَ وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ بِخَصْمٍ سَأَلَهُ الْقَاضِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُوَكَّلَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً بِالْمُعَايَنَةِ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِالْوَكَالَةِ بِجَهَالَةِ الْمُوَكَّلِ، فَإِذًا زَالَتْ الْجَهَالَةُ بِالْبَيِّنَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ ادَّعَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ النَّصْرَانِيِّ فِي حُقُوقِهِ وَأَحْضَرَ مُسْلِمًا يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا وَهُوَ يُنْكِرُ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا شَهَادَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ.

وَإِنْ أَحْضَرَ نَصْرَانِيًّا وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا قُضِيَ بِالْوَكَالَةِ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مَقْبُولَةٌ. مِنْ الْمُحِيطِ وَمِنْ شَرْحِ التَّجْرِيدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهَا مِنْ رَجُلٍ فَعَقَدَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَى الزَّوْجِ يَطْلُبُهُ بِالْحَالِّ مِنْ صَدَاقِهَا فَطَلَبَ مُخَاصَمَتَهُ فِي ذَلِكَ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ وَكِيلُهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى التَّوْكِيلِ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَسْتَلْزِمُ قَبْضَ الصَّدَاقِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِصِحَّةِ مَا ادَّعَاهُ لِأَبِيهِ أَوْ لِقَرِيبِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ لِأَبِي عَلَى هَذَا أَلْفًا وَأَبِي غَائِبٌ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَتَوَارَى هَذَا. فَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِأَبِيهِ وَقَبِلَ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْمَالِ وَحَكَمَ بِهِ، فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِي لَا يُجِيزُ حُكْمَ الْأَوَّلِ؛ إذْ بَيِّنَةُ الِابْنِ لَمْ تَقُمْ بِحَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ.

وَإِنَّمَا قَامَتْ لِغَائِبٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ ابْنَ الْمَفْقُودِ وَكِيلًا فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ؛ إذْ الْمَفْقُودُ كَمَيِّتٍ وَلِلْقَاضِي نَوْعُ وِلَايَةٍ فِي مَالِهِ. قَالَهُ قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ الْأَخُ يَقُومُ لِأَخِيهِ، وَالْجَارُ يَقُومُ لِجَارِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا بِوَكَالَةٍ.

<<  <   >  >>