للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ.

مِثَالُهُ: رَجُلٌ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَلَهُ مَالٌ أَوْ عَقَارٌ وَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ طَرِيقٍ فَطَلَبَهُ إلَى قَاضٍ وَادَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِمَحْجُورِهِ، تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

النَّوْعُ الْخَامِسُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ عَلَى هَذَا أَلْفًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَحُكِمَ لَهُ بِنِصْفِهِ فَقَدِمَ الْغَائِبُ فَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ بِإِقْرَارِهِ بِشَرِكَتِهِ. مِنْ الْمُنْتَقَى.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ أَحْكَامٍ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ أُمُورٍ]

فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ أُمُورٍ. .

قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْمَرْأَةَ مِنْ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.

الْأَوَّلُ: الْبِكْرُ الْيَتِيمَةُ الْبَلَدِيَّةُ إذَا أَرَادَتْ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا إثْبَاتَ يُتْمِهَا وَبَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إلَى أَحَدٍ، وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ قَدَّمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا، وَيُثْبِتُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا وَلِيَّ نَسَبٍ لَهَا أَوْ أَنَّ لَهَا وَلِيًّا هُوَ أَحَقُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَتُثْبِتُ كَفَاءَةَ الزَّوْجِ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ، وَأَنَّهَا فَوَّضَتْ لِلْقَاضِي فِي نِكَاحِهَا بِذَلِكَ، وَسَمَاعُهُمْ مِنْهَا حَتْمًا.

الثَّانِي: الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ مِنْهَا إذَا طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا أَنْ تُثْبِتَ أَصْلَ الزَّوْجِيَّةِ وَطَلَاقَ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ وَفَاتَهُ عَنْهَا، وَأَنَّهَا لَمْ تَخْتَلِفْ زَوْجًا إنْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ طَوْلٌ، وَأَنَّ لَا وَلِيَّ لَهَا، وَأَنَّ لَهَا وَلِيًّا، وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَقْدِ نِكَاحِهَا وَتُثْبِتُ الْكَفَاءَةَ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَيَأْتِي إلَى حَاكِمٍ لِيُزَوِّجَ ابْنَتَهُ، فَقَدْ كَلَّفَهُ بَعْضُ قُضَاةِ الْعَصْرِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ بَعْضُهُمْ: جَرَتْ عَادَةُ قُضَاةِ الْعَصْرِ بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ الْمَبْتُوتَةِ مِنْ رَجْعَةِ مُطَلِّقِهَا حَتَّى يَثْبُتَ دُخُولُ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا وَأَنَّهُ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا.

أَمَّا لَوْ قَدِمَتْ امْرَأَةٌ مَبْتُوتَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجْتُ. فَأَرَادَ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ إنَّهَا لَا تُصَدَّقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

مِنْ الدَّعَاوَى إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمَيِّتِ أَوْ مُوَرِّثِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ وَعِدَّةَ وَرَثَتِهِ؛ لِيَعْلَمَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِمَّا يَدَّعِيهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي صِحَّةِ دَعْوَاهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عِنْدَهُ عُرُوضًا أَوْ نَحْوُهَا لِمُوَرِّثِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا صَارَتْ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَيَلْزَمُهُ إثْبَاتُ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَعِدَّةِ وَرَثَتِهِ وَانْتِقَالِ الْمِيرَاثِ إلَيْهِمْ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الدَّعْوَى.

مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ: إذَا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ مَالُ يَتِيمٍ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِضَرُورَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ وَحِيَازَتِهِ وَالْحَاجَةِ إلَى الْبَيْعِ وَكَوْنِهِ أَيْسَرَ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رُفِعَ إلَى الْقَاضِي وَصِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ وَصِيَّتِهِ وَإِثْبَاتِ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْبَيْعِ، وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ ثُبُوتِ الرَّغَبَاتِ وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ.

[الْفَصْلُ السَّادِسُ الْوَكَالَةِ فِي الدَّعْوَى]

فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ فِي الدَّعْوَى.

التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَالْإِقْرَارِ مُطْلَقًا، أَوْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَالْإِقْرَارِ جَمِيعًا، أَوْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ، أَوْ يُوَكِّلَهُ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ مُطْلَقًا وَأَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ يَصِحُّ، وَفِي غَيْرِهِ لَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ فِيهِمَا، وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَالْإِقْرَارِ يَصِيرُ وَكِيلًا بِهِمَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِيرُ وَكِيلًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَهُ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُوَكِّلِ، وَعِنْدَنَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ صَرِيحًا وَلَا مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ؛ صِيَانَةً لِعِرْضِهِ وَمَاءِ وَجْهِهِ مِنْ جَرِّهِ إلَى بَابِ الْقَاضِي، وَهَذَا

<<  <   >  >>