للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَهُ مُحَقِّقُونَ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي اسْمِ الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ تُؤَرِّخُ مَكْتُوبَهُ بِالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ.

قَالَ: فَإِذَا فَرَغَ الْكَاتِبُ مِنْ كِتَابَتِهِ اسْتَوْعَبَهُ وَقَرَأَهُ وَمَيَّزَ أَلْفَاظَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَيِّزَ فِي خَطِّهِ بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَتَبَ بَعْدَهَا وَاحِدَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ نِصْفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا كَتَبَ وَاحِدَةً وَذَكَرَ نِصْفَهَا؛ دَفْعًا لِلَّبْسِ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ آلَافٍ زَادَ فِيهَا لَامًا فَيُصَيِّرُهَا الْآلَافَ؛ لِئَلَّا تُصْلَحَ الْخَمْسَةُ فَتَصِيرُ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَيَحْتَرِزُ بِذِكْرِ التَّنْصِيفِ مِمَّا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَالْخَمْسَةِ عَشَرَ تَصِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالسَّبْعِينَ وَالتِّسْعِينَ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَاتِبُ النِّصْفَ مِنْ الْمَبْلَغِ فَيَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا الْمَبْلَغَ فِي شَهَادَاتِهِمْ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ الشَّكُّ لَوْ طَرَأَ فِي الْكِتَابِ تَغْيِيرٌ وَتَبْدِيلٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَإِنْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ إصْلَاحٌ أَوْ إلْحَاقٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَحَلِّهِ فِي الْكِتَابِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكْمِلَ أَسْطُرَ الْمَكْتُوبِ جَمِيعَهَا؛ لِئَلَّا يَلْحَقَ فِي آخِرِ السَّطْرِ مَا يُفْسِدُ بَعْضَ أَحْكَامِ الْمَكْتُوبِ أَوْ يُفْسِدُهُ كُلَّهُ.

فَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ سَطْرٍ مَثَلًا وَجَعَلَ النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَفِي أَوَّلِ السَّطْرِ الَّذِي يَلِيهِ لِزَيْدٍ وَكَانَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يَلْحَقَ فِيهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِزَيْدٍ فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ جَائِزًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فَإِنْ اتَّفَقَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ الْكَلِمَةَ الَّتِي يُرِيدُ كِتَابَتِهَا لِطُولِهَا وَكَثْرَةِ حُرُوفِهَا فَإِنَّهُ يَسُدُّ تِلْكَ الْفُرْجَةَ بِتَكْرَارِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ كَتَبَ فِيهَا " صَحَّ " أَوْ " صَادًا مَمْدُودَةً " أَوْ " دَائِرَةً مَفْتُوحَةً " وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ بِهِ تِلْكَ الْفُرْجَةَ وَلَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهَا بِمَا يُخَالِفُ الْمَكْتُوبَ، وَإِنْ تَرَكَ فُرْجَةً فِي السَّطْرِ الْأَخِيرِ كَتَبَ فِيهَا " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " أَوْ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " مُسْتَحْضِرًا لِذِكْرِ اللَّهِ نَاوِيًا لَهُ، أَوْ يَأْمُرُ أَوَّلَ شَاهِدٍ يَضَعُ خَطَّهُ فِي الْمَكْتُوبِ أَنْ يَكْتُبَ فِي تِلْكَ الْفُرْجَةِ.

وَإِنْ كَتَبَ فِي وَرَقَةٍ ذَاتِ أَوْصَالٍ كَتَبَ عَلَامَتَهُ عَلَى كُلِّ وَصْلٍ وَكَتَبَ عَدَدَ الْأَوْصَالِ فِي آخِرِ الْمَكْتُوبِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ عَدَدَ أَسْطُرِ الْمَكْتُوبِ كَمَا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ.

وَإِنْ كَانَ لِلْمَكْتُوبِ نُسَخٌ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ عِدَّتَهَا وَأَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ.

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا حَضَرَ عِنْدَ الْمُوَثِّقِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَادَّعَيَا أَنَّهُمَا زَوْجَانِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَأَنَّ الْمَكْتُوبَ الَّذِي بَيْنَهُمَا عُدِمَ وَيَقْصِدَانِ تَجْدِيدَ كِتَابِ الصَّدَاقِ، فَإِنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ طَارِئَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا، وَإِنْ رَأَى رِيبَةً تَرَكَهُمَا، وَإِنْ كَانَ قُدُومُهَا مَعَ رُفْقَةٍ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا زَوْجَانِ فَلْيَكْشِفْ أَمْرَهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِانْفِرَادِهِ وَيَمْتَحِنَهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ بِمَا يُزِيلُ عَنْهُ الرِّيبَةَ، وَإِلَّا دَفَعَهُمَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ فَلَا يَكْتُبُ لَهُمَا حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُمَا زَوْجَانِ.

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا حَضَرَ رَجُلٌ بِانْفِرَادِهِ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنَّهُ يَقْصِدُ طَلَاقَهَا وَلَيْسَ مَعَهَا كِتَابُ نِكَاحٍ يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَأَرَادَ كِتَابَةَ الطَّلَاقِ فِي وَرَقَةٍ مُجَرَّدَةٍ فَلْيَحْتَرِزْ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَجْعَلُ ذَلِكَ صُورَةً وَلَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، بَلْ يُرِيدُ بِكِتَابَةِ الطَّلَاقِ حَتَّى يَحْضُرَ عِنْدَهُ شُهُودُهُ وَيُرَاجِعُهُمَا وَتَكُونُ وَرَقَةُ الطَّلَاقِ تَدْرَأُ عَنْهُ التُّهْمَةَ، فَيَنْبَغِي التَّحَرُّزُ فِي ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ وَعَيْنِهِ وَنَسَبِهِ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُوَثِّقِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَقَدْ يَحْضُرُ إلَى الْمُوَثِّقِ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّ اسْمَهُ كَذَا وَيَسْأَلُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ مَسْطُورًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِفُلَانٍ فَلَعَلَّ ذَلِكَ قَدْ يُسَمَّى بِاسْمِ غَيْرِهِ، ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَانٍ يُخْرِجُ الْمَكْتُوبَ وَيَدَّعِي بِهِ عَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ، وَلَعَلَّ الْكَاتِبَ قَدْ نَسِيَهُ وَمَاتَ الشُّهُودُ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِالْخَطِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَيُحْكَمُ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِاسْمِهِ وَهُوَ بَرِيءٌ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ إلَّا لِمَنْ عَرَفَ اسْمَهُ وَعَيْنَهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ

<<  <   >  >>