للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَاضِي أَبْطَلَهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُعْتَقْ وَقْتَ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِ الْغُلَامِ ثُمَّ شَهِدَ جَازَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ وَقْتَ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ.

[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ بِالطَّلَاقِ]

(فَصْلٌ) :

شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالْآخَرُ بِالْبَائِنِ، تُقْبَلُ عَلَى الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ صِفَةٍ وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ فَيَصِحُّ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَيَبْطُلُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَقَالَا نَسَيْنَاهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا تَحَمَّلَا، وَلَكِنْ قَالَا نَسِينَا وَغَلِطْنَا مَا تَحَمَّلْنَاهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا شَهَادَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَاسِقًا لَا يَضَعُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَإِنْ قَالَتْ: الشَّاهِدُ الْآخَرُ غَائِبٌ. لَا يَضَعُ؛

لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَحْضُرُ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الزَّوْجِ بِالشَّكِّ، وَإِنْ قَالَتْ: حَاضِرٌ. يَضَعُ اسْتِحْسَانًا.

[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ]

(مَسْأَلَةٌ) :

رَجُلٌ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ فَأَقَامَ الْأَكْبَرُ عَلَى الْأَصْغَرِ بَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ عَمْدًا وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةَ أَنَّ أَجْنَبِيًّا قَتَلَهُ عَمْدًا، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ وَيَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ خَصْمِهِ.

وَعِنْدَهُمَا بَيِّنَةُ الِابْنِ أَوْلَى، وَيَقْضِي عَلَى أَخِيهِ بِالْقَوَدِ وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بَاطِلَةٌ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا الْمِيرَاثُ لِلْمُدَّعِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ مِيرَاثِ الْأَصْغَرِ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ وَهُوَ النَّسَبُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ تَرَكَ الْمَقْتُولُ ابْنًا وَأَخًا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا قَضَى بِبَيِّنَةِ الِابْنِ عَلَى الْأَخِ.

وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَارِثٌ بِيَقِينٍ وَالْأَخُ لَيْسَ بِوَارِثٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ، فَكَانَ الِابْنُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَالْأَخُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فَبَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ.

[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْعَدَالَةِ]

(فَصْلٌ) :

لِلْعَدَالَةِ شَرَائِطُ. مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لِلْجَمَاعَةِ مُحَافِظًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُخْلِصَ إنَّمَا يَتَمَيَّزُ مِنْ الْمُنَافِقِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمَاعَاتِ، فَكَذَا الْعَدْلُ مِنْ الْفَاسِقِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِصِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ فِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالْمُعَامَلَةِ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَغُرَّنَّكُمْ طَنْطَنَةَ الرَّجُلِ فِي صَلَاتِهِ، اُنْظُرُوا إلَى حَالِهِ عِنْدَ دِرْهَمِهِ وَدِينَارِهِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلْأَمَانَةِ غَيْرَ مُخَوَّنٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الشَّاهِدِ أَمَانَةٌ فَيُسْتَدَلُّ بِأَدَاءِ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عَلَى وَجْهِهَا.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ صَدُوقَ اللِّسَانِ قَلِيلَ اللَّغْوِ وَالْهَذَيَانِ، حَتَّى إذَا اعْتَادَ الْكَذِبَ وَتَعَوَّدَ الْهَذْيَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ فِي الشَّهَادَةِ مَتَى اعْتَادَ الْكَذِبَ فِي الْمَقَالَةِ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ يَقَعُ فِيهِ أَحْيَانَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ الذُّنُوبِ.

وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ مُعَاقِرًا لِلنَّبِيذِ: يَعْنِي مُدَاوِمًا لَهُ، وَهُوَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مَعَ النَّاسِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَشْرَبُ وَحْدَهُ فِي السِّرِّ لِاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ بِهَذَا لَا يَصِيرُ تَارِكًا لِلْمُرُوءَةِ فَلَا يَمِيلُ إلَى الْكَذِبِ مَخَافَةَ ذَهَابِ مَاءِ وَجْهِهِ.

وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَلْعَبَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَلَاهِي، وَهَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مُسْتَشْنَعَةً بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّنَابِيرِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَشْنَعَةً نَحْوَ الْحِدَاءِ وَضَرْبِ الْقَضِيبِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ بِأَنْ يَرْقُصُونَ بِهِ فَيَدْخُلُ فِي حَدِّ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الْعَدَالَةُ.

وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ قَاذِفًا لِلْمُحْصَنَاتِ؛ لِأَنَّ قَاذِفَ الْمُحْصَنَاتِ مَلْعُونٌ بِالنَّصِّ، فَمَنْ كَانَ مَلْعُونًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَيْفَ يَكُونُ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ؟ مِنْ الْمُحِيطِ. .

[فَصْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ]

(فَصْلٌ) :

التَّزْكِيَةُ نَوْعَانِ: تَزْكِيَةُ السِّرِّ، وَتَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ.

أَمَّا تَزْكِيَةُ السِّرِّ فَيَنْبَغِي

<<  <   >  >>