للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُوَرِّثِهِمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَأَنَّ مِلْكَ جَمِيعِهِمْ: يَعْنِي الْوَرَثَةَ بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ يَمِينِهِمْ، وَهَذِهِ التَّتِمَّةُ فِي الْيَمِينِ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ التَّامَّةَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كِبَارًا وَلَمْ يَدَّعُوا رَفْعَ الدَّيْنِ مِنْ وَارِثِهِمْ وَلَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ يَمِينٌ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ عِبَارَةَ التَّجْرِيدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانُوا صِغَارًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَإِذَا شَهِدَ لِرَجُلٍ شَاهِدَانِ عَلَى دَيْنٍ لِأَبِيهِ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ اقْتَضَى مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَاسْتَحَقَّهُ بِشَاهِدَيْنِ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ.

(تَنْبِيهٌ) :

وَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ وَلَا عَلَى صَغِيرٍ، وَمَنْ نَكَلَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مِنْهُمْ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ حِصَّتُهُ فَقَطْ.

(تَنْبِيهٌ) :

مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَاضِرٍ بِدَيْنٍ فَلَا يَحْلِفُ مَعَ بَيِّنَتِهِ عَلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ وَلَا عَلَى أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْهُ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ دَفَعَهُ عَنْهُ دَافِعٌ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

وَمِمَّا يُحْكَمُ فِيهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ.

إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلْغَرِيمِ الْمَجْهُولِ الْحَالِ بِأَنَّهُ مُعْدَمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ، وَإِنْ وَجَدَ مَالًا يُؤَدِّي حَقَّهُ عَاجِلًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا شَهِدَتْ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَعَلَّهُ غَيَّبَ مَالًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَدَّعِي عَلَى وَكِيلِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَاتِّصَالِهَا وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا أَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا وَلَا أَرْسَلَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا أَحَالَهَا عَلَى أَحَدٍ فَاحْتَالَتْ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْقِطِ وَالْمُبْطِلِ، وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَظْهَرُ بِيَمِينِ الطَّالِبِ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ.

(فَصْلٌ) :

يَمِينُ الْقَضَاءِ لَا نَصَّ عَلَى وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الدَّعْوَى عَلَى الْحَالِفِ بِمَا يُوجِبُهَا، إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ رَأَوْا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ؛ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ؛ وَحِيَاطَةً عَلَيْهِ؛ وَحِفْظًا لِمَالِهِ لِلشَّكِّ فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) :

فَإِذَا حَلَفَ مَرَّةً وَتَأَخَّرَ الْقَضَاءُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَحْلِفَ ثَانِيَةً بِالتَّوَهُّمِ الْمُحْتَمَلِ، وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي بَعْدَ فَصْلِ الْقَضَاءِ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَةَ لِي بَعْدَمَا ادَّعَى مَالًا أَوْ حَقًّا مِنْ الْحُقُوقِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ. تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ اسْتِشْهَادِهِمْ فِي الْإِشْهَادِ وَبَيْنَ مَا قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهُودُهُ ثُمَّ عَلِمَ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا شُهُودَهُ ثُمَّ صَارُوا بِأَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

لَوْ قَالَ: كُلُّ شَهَادَةٍ شَهِدَ لِي بِهَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِهَذَا الْحَقِّ فَلَا حَقَّ لِي فِيهَا. ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِمَا،

<<  <   >  >>