للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ حُذِفَتْ عِنْدَ وَعَيْنٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ.

(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) هُوَ لُغَةً: الْإِثْبَاتُ مِنْ " قَرَّ " الشَّيْءُ ثَبَتَ وَشَرْعًا: إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِالْإِقْرَارِ؛ فَلَأَنْ يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ أَوْلَى (أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ وَمُقَرٌّ بِهِ وَصِيغَةٌ، وَشُرِطَ فِيهَا) أَيْ فِي الصِّيغَةِ (لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) بِحَقٍّ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (كَ) قَوْلِهِ (لِزَيْدٍ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا) وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي " مَا لَوْ حَذَفَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّصْدِيقِ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فَإِنْ غَلَبَ جَازَ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ: بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: " لَكِنْ إلَخْ "، وَبِقَوْلِهِ: " فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُحْتَالِ ". (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، كَمَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: حُذِفَتْ " عِنْدَ " " وَعَيْنٍ " إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ " عِنْدَ " لِلْعَيْنِ وَالتَّفْصِيلِ الَّذِي فِي الْأَصْلِ يُنَاسِبُ الدَّيْنَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ عِنْدَ وَالْعَيْنَ وَيَذْكُرَ أَحْكَامًا لَا تُنَاسِبُ إلَّا الدَّيْنَ. وَأَجَابَ عَنْهُ م ر بِأَنَّ عِنْدَهُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ انْتَهَى؛ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَا لَهُ عِنْدَك مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَدَّقَهُ مَنْ عِنْدَهُ ذَلِكَ فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ.

[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

. (دَرْسٌ) . (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) مَصْدَرُ أَقَرَّ يُقِرُّ إقْرَارًا فَهُوَ مُقِرٌّ فَقَوْلُهُمْ: مَأْخُوذٌ مِنْ " قَرَّ " بِمَعْنَى " ثَبَتَ " فِيهِ تَجَوُّزٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ يَقِرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَهُوَ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيمَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ بِإِقْرَارِهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَهَا بِرْمَاوِيٌّ فَالْمُقَرُّ لَهُ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ وَالْمُقِرُّ شَبِيهٌ بِالْوَكِيلِ وَالْمُقَرُّ بِهِ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ فِيهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ قَرَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ " ضَرَبَ " اسْتَقَرَّ بِالْمَكَانِ وَالِاسْمُ الْقَرَارُ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا) وَبَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ التَّبَايُنُ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ الشَّخْصِ بِحَقٍّ إلَخْ غَيْرُ الْإِثْبَاتِ وَبَيْنَهُمَا التَّنَاسُبُ بِحَسَبِ الْأَوَّلِ ع ش. (قَوْلُهُ: إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْأَمْرِ الْخَاصِّ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ عَامٍّ بِأَنْ اقْتَضَى أَمْرًا عَامًّا لِكُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ مَحْسُوسٍ فَرِوَايَةٌ أَوْ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَمَعَ إلْزَامِ حُكْمٍ وَإِلَّا فَفَتْوَى وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ إقْرَارًا بِمَشْيَخَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَدَعْوَى السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُقَلَّدُ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُسْتَفْتَى وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اصْطِلَاحٌ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَوْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ: لُغَةً وَشَرْعًا وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كُونُوا قَوَّامِينَ) أَيْ: مُوَاظِبِينَ عَلَى الْعَدْلِ مُجِدِّينَ فِي إقَامَتِهِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ أَيْ: تُقِيمُونَ شَهَادَتَكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ هُوَ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ حَالٌ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِأَنْ تُقِرُّوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُبَيِّنُ الْحَقَّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ: اُغْدُ) أَمْرٌ مِنْ " غَدَا " وَفِي الْمِصْبَاحِ غَدَا غُدُوًّا مِنْ بَابِ " قَعَدَ " ذَهَبَ غُدْوَةً بِالضَّمِّ وَهِيَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجَمْعُ " الْغُدْوَةِ " " غُدًى " مِثْلُ: مُدْيَةٍ وَمُدًى هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الذَّهَابِ وَالِانْطِلَاقِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ» أَيْ: انْطَلِقْ.

(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) أَيْ: عَلَى الْإِشْهَادِ بِالْإِقْرَارِ وَهُوَ قِيَاسٌ أَوْلَوِيٌّ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ أَيْ: فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِجَوَازِهِ قَبُولُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا إلَخْ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِجَوَازِهِ صِحَّتُهُ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْلَى أَيْ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْحَاكِمُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا لَفْظٌ) أَيْ: كَوْنُهَا لَفْظًا وَإِلَّا فَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ هُوَ ذَاتُ الصِّيغَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ شَرْطًا لَهَا؟ ع ش وَقَدْ يُقَالُ: الشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ، اهـ وَإِنَّمَا قَدَّمَ شُرُوطَ الصِّيغَةِ اهْتِمَامًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ عَلَى وَصْفِهِ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقِرًّا، وَالْمُقَرَّ بِهِ لَا يُوجَدَانِ إلَّا بَعْدَ الصِّيغَةِ وَأَخَّرَهَا الْأَصْلُ عَنْهُمَا لِتَقَدُّمِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْوُجُودِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الْوُجُودِ وَمُتَقَدِّمَةٌ فِي الِاعْتِبَارِ {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: ١٤٨] . (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الْكِتَابَةَ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا، وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>