للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَيِّتٍ وَلَوْ كَبِيرًا فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ، بَلْ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ، فَكَذَّبَ الْمُسْتَلْحَقَ لَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَقَضِيَّةُ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مَيِّتًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ، وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ. (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ أَهْلًا) لِلتَّصْدِيقِ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: بَالِغًا (لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ صَدَّقَهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِعْتَاقِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدُ أَمَةٍ مَنْفِيًّا بِحَلِفِ السَّيِّدِ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِغَيْرِ النَّافِي وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مِثْلُ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَلَدُ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ: مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ النَّافِي إذْ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبِيرًا) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْمَيِّتَ الْكَبِيرَ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَذَّبَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ اعْتَنَى بِأَمْرِ النَّسَبِ وَأَثْبَتَهُ بِالْإِمْكَانِ وَلَا أَثَرَ لِتُهْمَةِ الْمِيرَاثِ فِي الْمَيِّتِ، كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ فَقِيرٌ صَغِيرًا ذَا مَالٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ صَحَّ وَسَقَطَ الْقَوَدُ وَلَا نَظَرَ لِتُهْمَةِ سُقُوطِ الْقَوَدِ وَعِبَارَةُ ع ش نَفْيُ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرٌ فِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّصْدِيقُ حَتَّى يُنْفَى اشْتِرَاطُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: دُفِعَ بِهِ اشْتِرَاطُ التَّصْدِيقِ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ) فَكَذَّبَ الْمُسْتَلْحِقَ لَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطٍ تَبَعًا لِلدَّارِ ثُمَّ بَلَغَ وَاخْتَارَ الْكُفْرَ حَيْثُ يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِهَا ضَعِيفٌ ق ل، وَكَذَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَكَذَّبَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِتَكْذِيبِهِ، كَمَا فِي م ر.

(قَوْلُهُ:، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ وَقَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ أَيْ: بِالِاسْتِلْحَاقِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ) وَلَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ " إنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا عَلَى شَخْصٍ شَيْئًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ لِلْآخَرِ " م ر شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) هَذَا يُصَدِّقُ بِمَا إذَا كَذَّبَهُمَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ حِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا سَكَتَ، كَمَا فِي م ر وَعِبَارَتُهُ " فَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عُرِضَ إلَخْ ".

(قَوْلُهُ: عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) بَقِيَ مَا لَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً هَلْ يُعْمَلُ بِالتَّصْدِيقِ أَوْ الْبَيِّنَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِعْتَاقِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ " فَإِذَا تَدَاعَيَا أَيْ: اثْنَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً مَجْهُولًا أَوْ وَلَدُ مَوْطُوءَتِهِمَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى الْقَائِفِ، فَيُلْحِقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا انْتَهَتْ بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ نَحْوَ صَغِيرٍ رَجُلٌ لَحِقَهُ أَوْ اثْنَانِ قُدِّمَ بِبَيِّنَةٍ فَبِسَبْقِ اسْتِلْحَاقِ فَبِقَائِفٍ، فَإِنْ عَدِمَ أَوْ تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ

[فَرْعٌ لَوْ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ]

. (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ اسْتَلْحَقَ شَخْصٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ حَيًّا، أَمَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْعَبْدُ فَيَلْحَقُهُ إذْ لَا ضَرَرَ بِخِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ شَوْبَرِيٌّ وَيُشِيرُ لِهَذَا التَّقْيِيدِ قَوْلُ الشَّارِحِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ يَقُلْ أَوْ مَيِّتًا مَعَ أَنَّ أَقْسَامَ غَيْرِ الْأَهْلِ، كَمَا سَبَقَ ثَلَاثَةٌ: الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَيِّتُ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْفَرْعِ شَرْطٌ رَابِعٌ فِي الْإِلْحَاقِ بِالنَّفْسِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَتِيقَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْعَبْدِ وَالْعَتِيقِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَبْدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِهِ كَأَنْ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ لَغَا، فَإِنْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ لَحِقَهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ صَدَّقَهُ، وَعَتَقُوا لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا الْمُكَذَّبِ لَهُ فَلَا يَلْحَقَانِهِ وَيُعْتَقَانِ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِمَا وَلَا يَرِثَانِ مِنْهُ كَمَا لَا يَرِثُ مِنْهُمَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْهُ) أَيْ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ ز ي.

(قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ) أَيْ: عَلَى ثَمَرَتِهِ وَهِيَ الْإِرْثُ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ بَاقٍ بِتَقْدِيرِ لُحُوقِهِ، وَالْمُرَادُ حَقُّ الْوَلَاءِ الثَّابِتِ حَالًّا أَوْ مَآلًا، كَمَا فِي الْعَبْدِ بِتَقْدِيرِ عِتْقِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحِقَهُ إلَخْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَوَاتَ حَقِّ الْوَلَاءِ حَصَلَ هُنَا مِنْ تَصْدِيقِ الْمُسْتَلْحَقِ - بِفَتْحِ الْحَاءِ - وَهُوَ قَوِيٌّ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ حَصَلَ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَلْحِقِ - بِكَسْرِهَا - وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّصْدِيقِ مِنْ الْمُسْتَلْحَقِ - بِفَتْحِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>