للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذْ لَوْ أَقَرَّ حَائِزٌ بِأَخٍ وَرِثَ وَشَارَكَهُ ظَاهِرًا (فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يُقِرَّ (وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ صَارَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ (ابْنٌ حَائِزٍ بِأَخٍ) مَجْهُولٍ (فَأَنْكَرَ الْأَخُ) الْمَجْهُولُ (نَسَبَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِيهِ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ الثَّابِتُ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إلَّا لِكَوْنِهِ حَائِزًا وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ، وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ (وَلَوْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ) لِلْمَيِّتِ (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْحَائِزَ فِي الظَّاهِرِ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (لَا الْإِرْثَ) لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ، فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا، فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ.

[دَرْس] (كِتَابُ الْعَارِيَّةُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ " عَارَ " إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ وَقِيلَ: مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

النَّسَبِ بِالْقَرَابَةِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي وَنَظِيرُهُ إقْرَارُهُ بِالْخُلْعِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْبَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ؛ لِوُجُودِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَعِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ بِخِلَافِ وُجُوبه بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا ابْنُ حَجَرٍ اط ف.

(قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَقَرَّ) عِلَّةٌ لِلْحَمْلِ أَيْ: الْحُكْمِ فِي الثُّبُوتِ فِي الظَّاهِر فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي النَّفْيِ مِثْلَهُ أَيْ: قَاصِرًا عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنُ قَدْ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ: عِنْدَ الْكَذِبِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: إذْ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ فَإِذَا كَانَ شَارَكَهُ ظَاهِرًا مَعَ كَوْنِهِ حَائِزًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ ظَاهِرًا إذَا كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ.

(قَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ نَسَبُ الثَّالِثِ وَيَرِثُ هُوَ وَالْمُقِرُّ مِنْ الْأَخِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ حَائِزٌ لِلْمَالِ لَوْلَا الْمُقَرُّ بِهِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَخٍ) لِلِابْنِ وَقَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ بِأَنْ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَنْتَ لَسْتَ ابْنَهُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَى الْأَخِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمَجْهُولُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا إرْثَ إنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْبَيِّنَةِ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ) وَيَرِثُ مَعَهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْجُبْهُ حِرْمَانًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْحِيَازَةِ وَعَلَى ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي لَوْ أَقَرَّا مَعًا بِثَالِثٍ فَأَنْكَرَ هَذَا الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي بَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ قَوْلِهِمْ: أَدْخِلْنِي أُخْرِجْكَ ق ل وَعِبَارَةُ م ر وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ أَيْ: لِثُبُوتِهِ وَاشْتِهَارِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ إلَخْ. اهـ. فَيَرِثَانِ التَّرِكَةَ بِالْمُنَاصَفَةِ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ أَبْطَلَ نَسَبِ الْمُقِرِّ وَجَوَابُ " لَوْ " مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ بَطَلَ إقْرَارُهُ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ) أَيْ: فَأَدَّى عَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِ الْمُقِرِّ إلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَطَلَ إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْمُقِرِّ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ قَبْلَ ثُبُوتِ نَسَبِ الْمَجْهُولِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ: وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُهُ وَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ) أَيْ: وَهُوَ بَاطِلٌ فَمَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ تَأْثِيرِ إنْكَارِ الْمَجْهُولِ فِي نَسَبِ الْمُقِرِّ بَاطِلٌ أَيْضًا فَثَبَتَ قَوْلُ الْمَتْنِ: لَمْ يُؤَثِّرْ.

(قَوْلُهُ: بِمَنْ يَحْجُبُهُ) أَيْ: حَجْبَ حِرْمَانٍ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ مُعْتَقَةٌ لِلْأَبِ بِأَخٍ لَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ؛ لِكَوْنِهَا حَائِزَةً وَيَرِثَانِهِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا عُصُوبَةٌ الْوَلَاءِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ وَاعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) أَيْ: وَفِي الْبَاطِنِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَارِثٍ لِكَوْنِ الْأَخِ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: لَا الْإِرْثِ) أَيْ: ظَاهِرًا وَأَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ الْمَالِ كُلِّهِ لَهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ) بِأَنْ يُوجِبَ شَيْءٌ حُكْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ فَيَثْبُتَ الدَّوْرُ مِنْهُمَا وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ وَالدَّوْرُ اللَّفْظِيُّ أَنْ يَنْشَأَ الدَّوْرُ مِنْ لَفْظِ اللَّافِظِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ السُّرَيْجِيَّةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فَلَمْ يَرِثْ الِابْنُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ فَأَدَّى إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ م ر.

[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ]

. (دَرْسٌ) (كِتَابُ الْعَارِيَّةُ)

ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ إزَالَةَ مَا هُوَ تَحْتَ يَدِهِ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ) وَالْجَمْعُ الْعَوَارِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ إلَخْ) أَيْ: لُغَةً وَشَرْعًا أَوْ لُغَةً فَقَطْ أَوْ لُغَةً لِمَا يُعَارُ، وَشَرْعًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا يُعَارُ لُغَوِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَحَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إبَاحَةُ مَنْفَعَةِ مَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَرَاجِعْ عِبَارَتَهُ. وَيُقَالُ: فِيهَا عَارَةٌ كَنَاقَةٍ. انْتَهَى. ح ل وَكَانَتْ وَاجِبَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا إلَى النَّدْبِ فَهُوَ الْأَصْلُ فِيهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ) لِسُرْعَةِ عَوْدِهَا إلَى مَالِكِهَا غَالِبًا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَاوُبُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَنُوبُ عَنْ الْمَالِكِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا.

(قَوْلُهُ: جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ) وَغَيْرُ الْجُمْهُورِ فَسَّرَهُ بِالزَّكَاةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَجْمُوعِ مَا فِيهَا أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَمْنَعُ الْمَاعُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>