للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا (فِي الثَّانِيَةِ) بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ (أُخِذَ) مِنْهُ (قِيمَةٌ وَقْتَ تَلِفَ بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِهَا؛ إذْ الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ وَالْمَغْصُوبُ، بِأَقْصَى قِيمَتِهِ مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَإِنْ كَانَتْ) قِيمَتُهُ وَقْتَ تَلَفِهِ (دُونَ أَقْصَى قِيمَةٍ حَلَفَ) وُجُوبًا (لِلزَّائِدِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ غَرِيمَهُ يُنْكِرُهُ وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ.

(كِتَابُ الْغَصْبِ)

الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] أَيْ لَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا وَقِيلَ أَخْذُهُ ظُلْمًا جِهَارًا وَشَرْعًا: (اسْتِيلَاءٌ عَلَى حَقِّ غَيْرٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَاحِبُهَا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَخْذُهَا بِالْأُجْرَةِ بِمُقْتَضَى دَعْوَى صَاحِبِهَا.

(قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ فَتَثْبُتُ. اهـ. س ل أَيْ: لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَدَاخِلَةٌ فِي الْمَتْنِ الْآتِي أَيْ: وَالتَّلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا) أَيْ: فَتَبْقَى فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَعْتَرِفَ الْمَالِكُ بِهَا فَيَدْفَعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ لَهُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِشَيْءٍ لِآخَرَ فَأَنْكَرَهُ اط ف. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي هَذَا صُورَتَيْنِ أَيْ: سَوَاءٌ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَوْ لَا، ذَكَرَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُمَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الْأُولَى إلَخْ وَبِقَوْلِهِ: أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ إلَخْ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الْأُولَى فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ وَمُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: أَيْضًا أَوْ وَالْعَيْنُ تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فِيمَا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذِكْرِ مَا سَبَقَ إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ تَلِفَتْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُعَارُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْمُسْتَامُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفِهِ وَلَوْ مِثْلِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتْلَفَاتِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ: مَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْقَرْضُ أَوْ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذُكِرَ أَوْ الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَقْصَى الْقِيَمِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَهُوَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزَّائِدِ) أَيْ: يَحْلِفُ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا سَبَقَ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الزَّائِدِ فَيَقُولُ فِي حَلِفِهِ: وَاَللَّهِ مَا أَعَرْتُكَ بَلْ آجَرْتُكَ، وَأَمَّا أَصْلُ الْأُجْرَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهَا فِي ضِمْنِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا مُدَّعِي الْإِعَارَةِ فَلَا يَحْلِفُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ أَوْ تَلَفِهَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَيْنَ تَلِفَتْ وَيَصِحُّ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ هِيَ أَقْصَى الْقِيَمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ دُونَ أَقْصَى قِيمَةٍ إلَخْ

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

أَيْ حَقِيقَتُهُ وَحُكْمُهُ مِنْ وُجُوبِ رَدِّهِ إنْ بَقِيَ وَبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْعَارِيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّلَفِ، وَالْإِتْلَافِ، وَالضَّمَانِ. وَهُوَ كَبِيرَةٌ قِيلَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ رُبُعَ دِينَارٍ وَقِيلَ وَلَوْ حَبَّةً وَهُوَ مَعَ الِاسْتِحْلَالِ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كُفْرٌ وَمَعَ عَدَمِ ذَلِكَ فِسْقٌ كَمَا فِي ح ل وَمَحَلُّهُ فِي غَصْبِ الْمَالِ أَمَّا غَصْبُ غَيْرِهِ كَالْكَلْبِ فَإِنَّهُ صَغِيرَةٌ شَوْبَرِيٌّ

وَعِبَارَةُ م ر وَهُوَ كَبِيرَةٌ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْهَرَوِيِّ: إنْ بَلَغَ نِصَابًا لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. قَالَ: ع ش قَوْلُهُ: وَهُوَ كَبِيرَةٌ إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْمَالِ وَإِنْ قَلَّ وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ وَمَا لَوْ أَقَامَ إنْسَانٌ مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَيَكُونُ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَصْبِ نَحْوِ حَبَّةِ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ أَكْثَرُ، وَالْإِيذَاءُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ) كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ. إلَخْ. قَوْلُهُ: {لا تَأْكُلُوا} [آل عمران: ١٣٠] إلَخْ أَيْ لَا تَأْخُذُوا فَأَطْلَقَ الْخَاصَّ وَهُوَ الْأَكْلُ وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ الْأَخْذُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ، وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لِلسَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهَا الْمُدَّعَى وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ دِمَاءَكُمْ) أَيْ دِمَاءَ بَعْضِكُمْ. إلَخْ أَوْ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِكُمْ وَتَرَكَ الشَّارِحُ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ ع ش وَقَدْ يُقَالُ دَمُ الشَّخْصِ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إنَّ سَفْكَ دِمَائِكُمْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمْوَالَكُمْ) التَّعْبِيرُ بِالْأَمْوَالِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمِثْلُهَا الِاخْتِصَاصَاتُ ع ش (قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَخْذُهُ ظُلْمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْرِيفِهِ لُغَةً فَقَوْلُهُ ظُلْمًا مُدْخِلٌ لِلسَّرِقَةِ جِهَارًا مُخْرِجٌ لَهَا ع ش اط ف (قَوْلُهُ: ظُلْمًا) ثُمَّ إنْ كَانَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ خُفْيَةً سُمِّيَ سَرِقَةً أَوْ مُكَابَرَةً فِي صَحْرَاءَ سُمِّيَ مُحَارَبَةً أَوْ مُجَاهَرَةً وَاعْتَمَدَ الْهَرَبَ سُمِّيَ اخْتِلَاسًا فَإِنْ جَحَدَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ سُمِّيَ خِيَانَةً بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا اسْتِيلَاءٌ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>