للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَرِمَهُ) الْمُشْتَرِي (رَجَعَ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ كَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَأُجْرَةِ الْمَنْفَعَةِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ (لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ) ابْتِدَاءً (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (وَمَالًا فَيَرْجِعُ) أَيْ وَكُلُّ مَا لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَأُجْرَةِ مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ ابْتِدَاءً رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي نَعَمْ لَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَقْتَ الْغَصْبِ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ وَقْتِ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَى التَّلَفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلِذَلِكَ لَا يُطَالَبُ بِهِ ابْتِدَاءً كَذَا اسْتَثْنَى هَذَا وَلَا يُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَغْرَمُ الزَّائِدَ فَلَا يَصْدُقُ بِهِ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ (وَ) كُلُّ (مَنْ انْبَنَتْ) بِنُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَنُونٍ (يَدُهُ عَلَى يَدِ غَاصِبٍ فَكَمُشْتَرٍ) فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ.

[دَرْسٌ]

(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ، وَشَرْعًا: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ، وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا تُكْتَبُ مَوْصُولَةً بِكُلٍّ إذَا كَانَتْ ظَرْفًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَرْفًا تُكْتَبُ مَفْصُولَةً كَمَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ. .

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُبْتَدَأٌ وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ وَلَوْ شَرْطِيَّةٌ بِمَعْنَى إنْ، وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى مِنْ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ، وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ وَمَالًا فَيَرْجِعُ مُقْتَضَى صَنِيعِهِ فِي كُلٍّ أَنَّهُ حَذَفَ الْمُبْتَدَأَ وَبَعْضَ الصِّلَةِ أَوْ الصِّفَةِ وَبَعْضَ الْخَبَرِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ جَائِزٌ عَرَبِيَّةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْعَيْنِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمَالًا فَيَرْجِعُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ) كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مِائَةً وَبَاعَهُ بِخَمْسِينَ وَهُوَ يُسَاوِيهَا وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَبْعِينَ فَلَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ بِالثَّلَاثِينَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَثْنَى) أَيْ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ.

[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

[دَرْسٌ] (كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

مَأْخُوذَةٌ مِنْ شَفَعْت كَذَا بِكَذَا إذَا ضَمَمْته إلَيْهِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِضَمِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَى نَصِيبِهِ أَوْ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ ضِدُّ الْوَتْرِ فَكَأَنَّ الشَّفِيعَ يَجْعَلُ نَصِيبَهُ شَفْعًا بِضَمِّ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا أَيْ بِالشَّفَاعَةِ وَلِكَوْنِهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي

جُعِلَتْ إثْرَ الْغَصْبِ إشَارَةً إلَى اسْتِثْنَائِهَا مِنْهُ، وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي نَادِمًا أَوْ مَغْبُونًا بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ شَيْءٌ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْغَصْبِ لِخُرُوجِهَا عَنْهُ بِقَيْدِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِقَيْدِ عُدْوَانًا إلَّا أَنْ يُرَادَ كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ اشْتَدَّتْ إلَيْهَا حَاجَةُ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ وَهُوَ أَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: حَقُّ تَمَلُّكٍ) هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ فَمَعْنَاهَا شَرْعًا هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّمَلُّكُ وَقَوْلُهُ قَهْرِيٌّ بِالرَّفْعِ، وَالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِحَقُّ أَوْ لِتَمَلُّكٍ (قَوْلُهُ: لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ) وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةً لِشَخْصٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ بَيْعَ بَتٍّ فَلِلْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ الشُّفْعَةُ عَلَى الثَّانِي كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ شَرِيكٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ، وَالشَّرِيكُ الْقَدِيمُ شَامِلٌ لِلذِّمِّيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ هُنَا مُرَاعَاةً لِمَنْ شَذَّ فَمَنَعَ الْأَخْذَ بِهَا فَفِيهَا خِلَافٌ فِي الْجُمْلَةِ وَذِكْرُهُ هُنَا تَنْزِيلًا لِلشَّاذِّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ ع ش (قَوْلُهُ: قَضَى) أَيْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ قُلْت الْأَفْعَالُ وَمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهَا لَا عُمُومَ فِيهَا وَمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي إخْبَارًا عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهُ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَقَضَى لِشَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِالْعُمُومِ الَّذِي فِي مَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ الْعُمُومَ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ عَمَّا فَهِمَهُ مِنْ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا، عَلَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمُ» أَوْ يُقَالُ نَزَّلَ الْقَضَاءَ مَنْزِلَةَ الْإِفْتَاءِ أَيْ أَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْفِيِّ بِلَمْ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِهِ بِلَا وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَحَلَّ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ أَوْ إجْمَالٌ اهـ. ز ي وس ل وَقَوْلُهُ تَجَوُّزٌ أَيْ مَجَازٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ مُعَيِّنَةٌ لِخُصُوصِ الْمُرَادِ كَانَ اللَّفْظُ بَاقِيًا عَلَى إجْمَالِهِ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ ع ش

(قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ) مَعْنَى وُقُوعِ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفِ الطُّرُقِ أَنَّهُ حَصَلَتْ الْقِسْمَةُ بِالْفِعْلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارًا لِلْآخَرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيكًا وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ ع ش (قَوْلُهُ: وَصُرِّفَتْ إلَخْ) هُوَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ بُيِّنَتْ وَقَالَ سم بِالتَّخْفِيفِ أَيْ فُرِّقَتْ أَيْ جُعِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>