للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرْسٌ] (فَصْلٌ)

فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا (تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ مُعَيَّنٍ) فِي الْعَقْدِ حِسًّا كَانَ التَّلَفُ كَدَابَّةٍ وَأَجِيرٍ مُعَيَّنَيْنِ مَاتَا وَدَارٍ انْهَدَمَتْ، أَوْ شَرْعًا كَامْرَأَةٍ اُكْتُرِيَتْ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ مُدَّةً فَحَاضَتْ فِيهَا (فِي) زَمَانٍ (مُسْتَقْبَلٍ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ لَا فِي مَاضٍ بَعْدَ الْقَبْضِ إذَا كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ لِاسْتِقْرَارِهِ بِهِ فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً، وَمَضَى نِصْفُهَا، وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مِثْلَ أُجْرَةِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ، وَبِالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّ تَلَفَهُمَا لَا يُوجِبُ انْفِسَاخًا بَلْ يُبَدَّلَانِ كَمَا مَرَّ (وَ) تَنْفَسِخُ (بِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتِرٍ لَهُ) أَيْ: لِلْعَيْنِ (مُدَّةَ حَبْسِهِ إنْ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ) سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ الْمُكْرِي أَمْ غَيْرُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنْ حَصَلَ أَيْ: النَّقْصُ فِي الْقَمِيصِ نَفْسِهِ كَأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِنَزْعِ الْخَيْطِ عَنْ قِيمَتِهِ قُمَاشًا مُفَصَّلًا بِلَا خَيَّاطَةٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ، وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ شَرْحُ م ر وَع ش.

[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا]

(فَصْلٌ: فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ)

وَذَكَرَ لَهُ تَلَفَ الْعَيْنِ وَحَبْسَهَا وَقَوْلُهُ وَالْخِيَارُ وَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَخُيِّرَ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ بِعَيْبٍ وَقَوْلِهِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا وَذَكَرَ لَهُ سَبْعَ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ لَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ إلَخْ أَيْ: وَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا كَقَوْلِهِ وَلَوْ أَكْرَى جَمَّالًا إلَخْ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا دَاخِلَةً فِيمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَا انْفِسَاخَ وَلَا خِيَارَ. (قَوْلُهُ بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ) أَيْ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فَهَلَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ كَذَلِكَ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ فَإِذَا أَتْلَفَهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا، وَالْإِجَارَةَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَمَنَافِعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ وُرُودُ الْإِتْلَافِ عَلَيْهَا ع ن.

(قَوْلُهُ كَدَابَّةٍ) مِثَالٌ لِلْمُعَيَّنِ، وَالْمُنَاسِبِ أَنْ يَقُولَ: كَمَوْتِ دَابَّةٍ وَانْهِدَامِ دَارٍ مُعَيَّنَيْنِ وَحَيْضِ امْرَأَةٍ اُكْتُرِيَتْ إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَدَارٍ انْهَدَمَتْ) سَوَاءٌ أَهَدَمَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَتْ بِنَفْسِهَا ح ل فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا صَوَابُهُ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ وَقَالَ أَيْضًا: قَوْلُهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ انْفَسَخَتْ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيُّ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِيمَا إذَا غَرَقَ بَعْضُ الْأَرْضِ بِمَاءٍ لَا يُتَوَقَّعُ انْحِسَارُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى التَّخْيِيرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ حَائِطٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ، وَهَذِهِ هِيَ مَحْمَلُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْمَذْكُورِ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ كَامْرَأَةٍ) أَيْ: مُسْلِمَةٍ ع ن. (قَوْلُهُ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ مُدَّةً فَحَاضَتْ فِيهَا) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ، وَنَحْوِهِ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِ كحج وم ر الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ فَلَوْ خَالَفْت وَخَدَمَتْ بِنَفْسِهَا اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَلَا تَسْتَحِقُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لِاسْتِقْرَارِهِ) أَيْ: الْمَاضِي أَيْ: اسْتِقْرَارِ أُجْرَتِهِ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ: الْقَبْضِ أَيْ: قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ: اسْتِيفَائِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ: حَيْثُ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا، وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَوُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي بَيْتِهِ وَظُهُورُ الْأَثَرِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ إذَا تَلِفَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ: لَوْ احْتَرَقَ الثَّوْبُ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا لَهُ مَعَ ظُهُورِ أَثَرِهِ، وَلَوْ اكْتَرَاهُ لِحَمْلِ جَرَّةٍ فَانْكَسَرَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِصُحْبَةِ الْمَالِكِ ح ل لِعَدَمِ ظُهُورِ أَثَرِهِ، وَعِبَارَةُ م ر فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ وَيُوَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى نِسْبَةِ قِيمَتِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ مَا بَعْدَهُ لَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى شُهُورٍ. اهـ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ قَدْ تَزِيدُ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَسَّطَ الْأُجْرَةَ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ كَأَنْ قَالَ: أَجَرْتُكهَا سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا بِكَذَا اُعْتُبِرَ مَا سَمَّاهُ مُوَزَّعًا عَلَى الشُّهُورِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا الْمُسْتَقْبَلَةِ عَمَلًا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ ع ش. (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) اُنْظُرْ صُورَةَ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ، وَلَعَلَّهَا إذَا حَصَلَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ يُمْنَعُ السَّيْرُ فِيهَا. (قَوْلُهُ مُدَّةَ حَبْسِهِ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَنَّهُ إذَا خَلَّصَهُ مِنْ الْحَبْسِ تَعُودُ الْإِجَارَةُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ، فَلْيُحَرَّرْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةَ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ بِالزَّمَانِ ظَهَرَ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي بِخِلَافِ الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ لَمْ تَتْلَفْ تَحْتَ يَدِ غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ الْمُكْرِي) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ سم ع ش

<<  <  ج: ص:  >  >>