للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى (وَلَوْ طَالَتْ) عُرْفًا (مُدَّةُ تَحَجُّرِهِ) بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يُحْيِي (قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) مَا حَجَرْته؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ إحْيَائِهِ إضْرَارًا بِالْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) بِعُذْرٍ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) لِيَسْتَعِدَّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ يُقَدِّرُهَا الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ، فَإِذَا مَضَتْ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِمَارَةِ بَطَلَ حَقُّهُ

(وَلِإِمَامٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (أَنْ يُحْمِيَ لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) كَضَالَّةٍ، وَنَعَمِ صَدَقَةٍ، وَفَيْءٍ وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ أَيْ: الْإِبْعَادِ فِي الذَّهَابِ (مَوَاتًا) لِرَعْيِهَا فِيهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِهَا، وَلَمْ يَضُرَّ بِهِمْ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ الْآحَادُ، وَبِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ مَا لَوْ حَمَى لِنَفْسِهِ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ؛ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ، وَلَوْ وَقَعَ كَانَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مَصْلَحَةً لَهُ كَانَ مَصْلَحَةً لَهُمْ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْمِيَ الْمَاءَ الْعِدَّ لِشُرْبِ نَحْوِ نَعَمِ الْجِزْيَةِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُضَ حِمَاهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ: عِنْدَهَا بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا فِي الْحِمَى، وَلَهُ نَقْضُ حِمَى غَيْرِهِ أَيْضًا لِمَصْلَحَةٍ إلَّا حِمَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَنْ يُحْيِيَ الزَّائِدَ، وَإِذَا أَرَادَ غَيْرُهُ إحْيَاءَ مَا زَادَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ لِيَتَمَيَّزَ حَقُّ الْأَوَّلِ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ يُخَيَّرُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُرِيدُ إحْيَاءَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجِعَ الْأَوَّلَ، وَيَقُولُ لَهُ: اخْتَرْ لَك جِهَةً. اهـ، وَمُرَادُهُ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ الزَّائِدِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاخْتِيَارِ، فَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَاكِمَ يُعَيِّنُ جِهَةً لِمُرِيدِ الْإِحْيَاءِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ أَيْ: الزَّائِدَ عَلَى كِفَايَتِهِ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ وَمَا سِوَاهُ بَاقٍ تَحَجُّرُهُ فِيهِ، وَلَوْ شَائِعًا م ر.

(قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ الْإِمَامُ) أَيْ: وُجُوبًا، وَيَجُوزُ لِلْآحَادِ ح ل، وَعِبَارَةُ ق ل قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَيْ: وُجُوبًا، وَكَذَا الْآحَادُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. اهـ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ وُجُوبًا فِي حَقِّ الْآحَادِ لَا جَوَازًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَطْفِ، وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ مَا فِي ح ل فَحَرِّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمْهَلَ بِعُذْرٍ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُمْهَلْ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلِإِمَامٍ إلَخْ) وَمَعْنَى خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» لَا حِمَى إلَّا مِثْلَ مَا حَمَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَكُونَ لِمَا ذَكَرَ شَرْحُ م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ: يَمْنَعَ، وَبِضَمِّهِ يُجْعَلُ حِمًى شَرْحُ م ر، وَفِي الْمِصْبَاحِ: حَمَيْت الْمَكَانَ مِنْ النَّاسِ حَمْيًا مِنْ بَابِ رَمَى، وَحَمَّيْتُهُ بِالْكَسْرِ مَنَعْتهمْ عَنْهُ، وَالْحِمَايَةُ اسْمٌ مِنْهُ، وَأَحْمَيْته بِالْأَلِفِ جَعَلْته حِمًى لَا يُقْرَبُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نَعَمِ جِزْيَةٍ) النَّعَمُ لَيْسَتْ قَيْدًا، وَعِبَارَةُ م ر: وَذِكْرُ النَّعَمِ فِيمَا عَدَا الصَّدَقَةَ لِلْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْمَاشِيَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْعَى فِي حِمًى أَوْ مَوَاتٍ. اهـ بِحُرُوفِهِ، وَانْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِزْيَةِ الدَّنَانِيرُ؟ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ نَعَمًا بَدَلًا عَنْ الْجِزْيَةِ، أَوْ اشْتَرَى نَعَمًا بِدَنَانِيرِ الْجِزْيَةِ، وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا أَخَذَ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الزَّكَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ، وَعِبَارَةُ م ر وَنَعَمِ إنْسَانٍ ضَعِيفٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَمْنَعَ) تَصْوِيرٌ لِلْحِمَى. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ بِهِمْ) أَيْ: بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ مَا بَقِيَ فَلَوْ عَرَضَ بَعْدَ حِمَى الْإِمَامِ ضِيقَ الْمَرْعَى لِجَدْبٍ أَصَابَهُمْ، أَوْ لِعُرُوضِ كَثْرَةِ مَوَاشِيهِمْ هَلْ يَبْطُلُ الْحِمَى بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ ، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ بَطَلَتْ بِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ بِدَوَامِ الْحِمَى ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: حِمَى النَّقِيعِ بِالنُّونِ) كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَفِيهِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالْبَاءِ، أَمَّا بَقِيعُ التُّرْبَةِ بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ بِالْبَاءِ لَا غَيْرُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِشَيْخِنَا. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالنَّقِيعُ بِالنُّونِ بِقُرْبِ وَادِي الْعَقِيقِ عَلَى عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ. اهـ م ر. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَمَى نَفْسَهُ) وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ مَوَاشِيَهُ فِيمَا حَمَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ، وَلَوْ رَعَى الْحِمَى غَيْرُ أَهْلِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَلَا تَعْزِيرَ. اهـ. س ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: جَوَازَ الْحِمَى لِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ: عَلَى كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ. (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ) إنَّمَا قَالَ: يُحْمَلُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا حِمَى لِغَيْرِهِ أَصْلًا حَتَّى لِلْإِمَامِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْحَصْرَ إضَافِيٌّ أَيْ: لَا حِمَى لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِأَنْ يَحْمُوا لِأَنْفُسِهِمْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْمُوا لِغَيْرِهِمْ انْتَهَى شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: الْمَاءَ الْعِدَّ) أَيْ: الْكَثِيرَ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مَادَّةٌ أَيْ: عَيْنٌ يَنْبُعُ مِنْهَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْعَذْبُ بَدَلَ الْعِدِّ، وَمِثْلُهُ الْمَاءُ الْبَاقِي مِنْ النِّيلِ كَالْحُفَرِ، فَلَا يَجُوزُ حِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَامَّةِ النَّاسِ انْتَهَى عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُضَ حِمَاهُ) الْحِمَى مَقْصُورٌ، وَيَجُوزُ مَدُّهُ وَجَمْعُهُ أَحْمَاءٌ فِيهِمَا. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: عِنْدَهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِهَذَا؟ ، وَهَلَّا جَعَلَهَا لِلْعِلَّةِ؟ . (قَوْلُهُ: حِمَى غَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا حِمَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَوْ غَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى قَلَعَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُكَفَّرُ مَنْ يَنْقُضُهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ ح ل وَز ي وَق ل. اهـ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

(قَوْلُهُ: مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ) وَمِثْلُهُ حَرِيمُ الدَّارِ وَأَفْنِيَتُهَا وَأَعْتَابُهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>