للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ جَهِلَ فَبِقَدْرِهَا مِنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّقْبُ مُتَسَاوِيَةً مَعَ تَفَاوُتِ الْحِصَصِ بِأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ مَثَلًا ثُقْبَةً، وَالْآخَرُ ثُقْبَتَيْنِ وَيَسُوقُ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ إلَى أَرْضِهِ.

(كِتَابُ الْوَقْفِ)

هُوَ لُغَةً الْحَبْسُ وَشَرْعًا حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ (أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مَوْقُوفٌ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَوَاقِفٌ، وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَاقِفِ (كَوْنُهُ مُخْتَارًا) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَهْلَ تَبَرُّعٍ) فَيَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ وَمِنْ مُبَعَّضٍ لَا مِنْ مُكْرَهٍ وَمُكَاتَبٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمُبَاشَرَةِ وَلِيِّهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ) أَيْ: قَدْرَ الْحِصَصِ مِنْ الْقَنَاةِ وَلَوْ زَادَ مَا يَخُصُّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ عَلَى سَقْيِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِبَقِيَّتِهِمْ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِمَا شَاءَ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ رَجَعَ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الزَّائِدِ ق ل وَم ر. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ أَيْ: سَعَةً وَضِيقًا لَا عَدَدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيَجُوزُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِيَةٌ) أَيْ: فِي الضِّيقِ أَوْ السَّعَةِ أَيْ: لَا فِي الْعَدَدِ. اهـ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْ: فَتَكُونُ صُورَةُ الْمَتْنِ أَنْ تُوَسَّعَ ثُقْبَةُ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَاؤُهَا بِقَدْرِ مَاءِ ثُقْبَةِ صَاحِبِ الثُّلُثِ مَرَّتَيْنِ تَأَمَّلْ. .

[كِتَابُ الْوَقْفِ]

مِنْ وَقَفَ كَذَا حَبَسَهُ وَأَوْقَفَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَعَلَيْهَا الْعَامَّةُ عَكْسُ حَبَسَ وَأَحْبَسَ وَجَمْعُهُ وُقُوفٌ وَأَوْقَافٌ وَذَكَرَهُ عَقِبَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَجْدِيدَ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَجْدِيدُ مِلْكٍ وَالثَّانِي فِيهِ إزَالَتُهُ (قَوْلُهُ: حَبْسُ مَالٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ مَمْلُوكٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ كَمَا يَأْتِي وَالْوَقْفُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ إلَخْ نَعَمْ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا نُبْطِلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا إلَى قَوْلِهِ لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ. . . إلَخْ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ ع ش وَقَوْلُهُ: بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَبَسَ وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَى مَصْرِفٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَصْرِفٍ) أَيْ مَوْجُودٍ لِيَخْرُجَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ. . . إلَخْ)

عِبَارَةُ م ر وحج إذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ انْقَطَعَ. . . إلَخْ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ وَقَوْلُهُ: انْقَطَعَ عَمَلُهُ أَيْ ثَوَابُهُ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَقَدْ انْقَطَعَ بِفَرَاغِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدٍ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاو وَالْمُرَادُ بِالصَّالِحِ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ: يَدْعُو لَهُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فَيَشْمَلُ الدُّعَاءَ لَهُ بِسَبَبِهِ وَمِنْ كَوْنِ الْوَقْفِ يُسَمَّى صَدَقَةً جَارِيَةً يُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّتِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ، فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا كَمَا فِي ح ل

(قَوْلُهُ: مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. . . إلَخْ) مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِ ابْنِ آدَمَ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَبَرَّأَ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْوَقْفِ بِخُصُوصِهِ بِقَوْلِهِ: مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى جَمِيعِهَا وَقَدْ نَظَمَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِقَوْلِهِ:

إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي ... عَلَيْهِ مِنْ خِصَالٍ غَيْرُ عَشْرِ

عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ ... وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي

وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطِ ثَغْرٍ ... وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ

وَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي ... إلَيْهِ أَوْ بِنَاءُ مَحَلِّ ذِكْرِ

وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ ... فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثَ بِحَصْرِ

فَالْحُصْرُ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَقْفِ) قِيلَ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ مُؤَبَّدَةٌ يَصْدُقُ عَلَيْهَا ذَلِكَ لَكِنَّهَا نَادِرَةٌ فَحَمْلُ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى س ل (قَوْلُهُ: أَهْلَ تَبَرُّعٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: أَهْلَ تَبَرُّعٍ فِي الْحَيَاةِ ثُمَّ قَالَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَصِحَّةٍ نَحْوُ وَصِيَّةٍ وَلَوْ بِوَقْفِ دَارِهِ لِارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ) وَلَوْ وَقَفَ ذِمِّيٌّ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَالَ السُّبْكِيُّ رُفِعَتْ إلَيَّ فِي الْمُحَاكَمَاتِ فَأَبْقَيْت الْوَقْفَ وَأَلْغَيْت الشَّرْطَ وَمَالَ م ر إلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا مَالَ إلَيْهِ م ر أَنَّهُ قَدْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ وَبِتَقْدِيرِ مَعْرِفَتِهِمْ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ لَفْظُهُ مُشْعِرٌ بِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَسْجِدٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ قُرْبَةً اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِنَا أَيْ وَكَوُقْفِ مُصْحَفٍ وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لَهُ بِأَنْ كَتَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ كَمَا فِي ع ش م ر.

(قَوْلُهُ: لَا مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا بِهِ كَأَنْ نَذَرَ وَقْفَ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ وَقْفِهِ بَعْدَ النَّذْرِ فَأَكْرَهَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ) أَيْ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دُيُونِهِ كَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>