للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ اُنْتُسِبَ إلَى ثَالِثٍ وَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ وَلَوْ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ إلَى أَحَدٍ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى انْتِسَابِهِ، ثُمَّ بَعْدَ انْتِسَابِهِ مَتَى أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِغَيْرِهِ أَبْطَلَ الِانْتِسَابَ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ حُجَّةٌ أَوْ حُكْمٌ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(كِتَابُ الْجَعَالَةِ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى كَسْرِهَا وَآخَرُونَ عَلَى كَسْرِهَا وَفَتْحِهَا، وَهِيَ كَالْجُعْلِ وَالْجَعِيلَةُ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى شَيْءٍ وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا فَجَازَتْ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْإِجَارَةِ (أَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (عَمَلٌ وَجُعْلٌ وَصِيغَةٌ وَعَاقِدٌ وَشَرْطٌ فِيهِ اخْتِيَارٌ وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفٍ مُلْتَزَمٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ إنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ وَنَوَى الرُّجُوعَ لَا يَرْجِعُ ح ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَسَبَ إلَى ثَالِثٍ وَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ. . . إلَخْ) أَيْ وَرَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَاهُ س ل وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

[دَرْسٌ] (كِتَابُ الْجَعَالَةِ)

ذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَقِبَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ وَأَوْرَدَهَا الْجُمْهُورُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا طَلَبُ الْتِقَاطِ الدَّابَّةِ الضَّالَّةِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ مَثَلًا وَفِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ طَلَبُ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا لَا طَلَبُ الْتِقَاطِهَا؛ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ هِيَ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا وَهَذِهِ مَالِكُهَا مَعْلُومٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالِالْتِقَاطِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ مُطْلَقُ الْأَخْذِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ) وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْأَفْصَحَ وَلَعَلَّهُ الْكَسْرُ لِاقْتِصَارِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَيْهِ اهـ ع ش وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ وَجَمْعُهَا جَعَائِلُ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ) وَهُوَ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الْتِزَامٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ كَاللُّغَوِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِلْجَعَالَةِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ م ر وَنَصُّهَا: وَهِيَ أَيْ الْجَعَالَةُ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يَجْعَلُهُ الْإِنْسَانُ لِغَيْرِهِ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ وَكَذَا الْجَعْلُ وَالْجَعْلِيَّةُ وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ. . . إلَخْ اهـ. فَقَدْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَشَرْعًا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ لُغَةً الْمُتَعَلِّقِ بِالْجَعَالَةِ لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ (قَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ مَجْهُولٍ عَسُرَ عِلْمُهُ (قَوْلُهُ: خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ) وَكَانَ الْمَرْقِيُّ لَدِيغًا ع ش عَلَى م ر قَالَ: وَكَانَ رَئِيسَ الْعَرَبِ وَذَلِكَ «أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَانَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَمَرَّ عَلَى مَحَلٍّ فِيهِ عَرَبٌ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ فَبَاتُوا بِالْوَادِي فَلُدِغَ رَئِيسُ الْعَرَبِ فَأُتِيَ لَهُ بِكُلِّ دَوَاءٍ فَلَمْ يَنْجَعْ أَيْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا فَقَالَ اسْأَلُوا هَذَا الْحَيَّ الَّذِي نَزَلَ عِنْدَكُمْ فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا نَعَمْ لَكِنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ فَقَرَأَ أَبُو سَعِيدٍ الْفَاتِحَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَصَارَ يَتْفُلُ فَنَشِطَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَتَوَقَّفُوا فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ الْقَطِيعِ حَتَّى جَاءُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ إنَّ أَحَقَّ» وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ أَحْسَنَ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» ، فَيَكُونُ الدَّلِيلُ قَوْلَ النَّبِيِّ وَتَقْرِيرَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي شَرْحُ م ر قَالَ ع ش وَلَعَلَّ قِصَّةَ أَبِي سَعِيدٍ حَصَلَ فِيهَا تَعَبٌ كَذَهَابِهِ لِمَوْضِعِ الْمَرِيضِ فَلَا يُقَالُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَعَبَ فِيهَا فَلَا تَصِحُّ الْجَعَالَةُ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ مَثَلًا وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ كَلَتُدَاوِينِي إلَى الشِّفَاءِ أَوْ لِتَرْقِيَنِي إلَى الشِّفَاءِ فَإِنْ فَعَلَ وَوُجِدَ الشِّفَاءُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِنْ فَعَلَ وَلَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُدَاوَاةُ وَالرُّقْيَةُ إلَى الشِّفَاءِ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ كَلِتَقْرَأْ عَلَى عِلَّتِي الْفَاتِحَةَ سَبْعًا مَثَلًا اسْتَحَقَّ بِقِرَاءَتِهَا سَبْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالشِّفَاءِ وَلَوْ قَالَ: لِتَرْقِيَنِي وَلَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ مِنْ عِلَّةِ كَذَا فَهَلْ يَتَقَيَّدُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالشِّفَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَاوَاةِ الْآتِيَةِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ إلَخْ فَسَادُ الْجَعَالَةِ هُنَا وَوُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.

[فَائِدَةٌ]

مَا يَقَعُ مِنْ كَوْنِ الشَّخْصِ يَقِيسُ بِشِبْرِهِ الْعِصَابَةَ أَوْ الطَّاقِيَّةَ مَثَلًا فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ وَالْإِخْبَارِ بِالْمُغَيَّبَاتِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَقِيسُ وَيَكْتُبُ مَا يُنَاسِبُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ هَذَا مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ الْأَرْضِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ) هُوَ بَيَانٌ لِمَا اتَّفَقَ وُقُوعُهُ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا) أَيْ فِي رَدِّ ضَالَّةٍ وَآبِقٍ وَعَمَلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ لِلْجَهَالَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَجَازَتْ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْإِجَارَةِ) وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ ح ل (قَوْلُهُ: عَمَلٍ) فِي عَدِّهِ مِنْ الْأَرْكَانِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِعَدِّهِ مِنْهَا ذِكْرُهُ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ وَالْمُتَأَخِّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>