للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نَضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دَفَعَ لَهُ ثُلُثَهُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَجْرَ فِي التَّبَرُّعِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ. لَوْ (تَبَرَّعَ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ) أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ (وَمَاتَ) فِيهِ وَلَوْ بِنَحْوِ غَرَقٍ، أَوْ هَدْمٍ (لَمْ يَنْفُذْ) مِنْهُ (مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَرَأَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (أَوْ) فِي مَرَضٍ (غَيْرِ مَخُوفٍ فَمَاتَ وَلَمْ يُحْمَلْ) مَوْتُهُ (عَلَى فَجْأَةٍ) كَإِسْهَالِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ (فَكَذَا) أَيْ لَمْ يَنْفُذْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَخُوفٌ لِاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهَا كَأَنْ مَاتَ وَبِهِ جَرَبٌ، أَوْ وَجَعُ ضِرْسٍ أَوْ عَيْنٍ نَفَذَ (وَإِنْ شُكَّ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ مَخُوفٌ (لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَلَا يَثْبُتُ بِنِسْوَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ عِلَّةً بَاطِنَةً بِامْرَأَةٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ (وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا يَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّيَ إلَى الْهَلَاكِ (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَسَمَّاهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَاتَ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ، ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا ضِيقُ النَّفَسِ وَالسُّعَالُ وَالْحُمَّى اللَّازِمَةُ (وَرُعَافٌ دَائِمٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَإِسْهَالٌ مُتَتَابِعٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ]

فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ)

(قَوْلُهُ: الْمُقْتَضَى كُلٌّ مِنْهُمَا) صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَهِيَ السَّبَبُ فِي ذِكْرِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ هُنَا (قَوْلُهُ: مَخُوفٌ) بِأَنْ لَا يَنْدُرَ الْمَوْتُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ:، أَوْ فِي مَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ بِأَنْ يَنْدُرَ الْمَوْتُ مِنْهُ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْمَخُوفَ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا غَلَبَةُ حُصُولِ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ نُدْرَتُهُ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي هُوَ مَرَضٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ، أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ) فَفِيهِ حَذْفٌ وَإِيصَالٌ وَالتَّقْدِيرُ مَخُوفٌ مِنْهُ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُقَالَ الْمُخِيفُ وَلِهَذَا قَالَ: بَعْضُهُمْ إنَّهُ الصَّوَابُ لَكِنْ جَوَّزَ النَّوَوِيُّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ وَقَعَ التَّبَرُّعُ فِي مَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ، ثُمَّ طَرَأَ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ فَمَخُوفٌ وَإِنْ قَالُوا لَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا فَالتَّبَرُّعُ فِيهِ كَالتَّبَرُّعِ فِي الصِّحَّةِ ع ن (قَوْلُهُ: بَرِئَ مِنْهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ ضَمَّهَا لُغَةٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَتَعِبَ وَقَرُبَ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ بِكَسْرِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى فُجَاءَةٍ) ، أَيْ وَلَا عَلَى سَبَبٍ آخَرَ كَغَرْقٍ وَهَدْمٍ ح ل وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اهـ شَرْحُ م ر

وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّهُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ» وَحُمِلَ الْخَبَرُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَخُوفَ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ.

وَبِهِ صَرَّحَ ز ي فَإِنْ قِيلَ الْمَرَضُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَهُوَ مَخُوفٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَخُوفٍ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إذَا تَبَرَّعَ فِيهِ وَمَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ كَهَدْمٍ، أَوْ غَرْقٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ ز ي (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَرَبٌ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذِهِ غَيْرُ مَخُوفَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شُكَّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَنُصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَخُوفٌ، أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ فِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ ح ل (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ) عِبَارَةُ م ر لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَخُوفًا إلَّا إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبَيْنِ فِي نَفْي كَوْنِهِ مَخُوفًا أَيْضًا خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي. وَقَدْ لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِإِرْجَاعِ ضَمِيرِ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ أَيْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ كَمَا قَالَهُ ح ل وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ فَإِنَّ الْمَرَضَ فِيهِ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُنَا لِآدَمِيٍّ ع ن وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ رَجَحَ الْأَعْلَمُ فَالْأَكْثَرُ عَدَدًا فَمَنْ يُخْبِرُ أَنَّهُ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ عِلْمٌ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ: الْوَارِثُ كَانَ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرِّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي غَيْرُ طَبِيبَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر

(قَوْلُهُ: قُولَنْجُ) هُوَ مِنْ الْمَخُوفِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ح ل وَيَنْفَعُهُ ابْتِلَاعُ الصَّابُونِ غَيْرِ الْمَبْلُولِ وَأَكْلُ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَيَضُرُّهُ حَبْسُ الرِّيحِ وَشُرْبُ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَأَشَارَ بِمَنْ إلَى عَدَمِ حَصْرِ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مِنْهَا مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ: بَعْضُهُمْ وَجُمْلَةُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَضٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ) ، أَيْ وَإِنْ اعْتَادَ ذَلِكَ ح ل (قَوْلُهُ: وَذَاتُ جَنْبٍ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْقَصَبَةِ وَيَنْفَعُهَا شُرْبُ الْبَنَفْسَجِ وَضِمَادُهَا، أَيْ إدْهَانُهَا بِهِ وَاسْتِعْمَالُ الْقِرْفَةِ عَلَى الرِّيقِ وَهُوَ مِنْ الْمُجَرَّبَاتِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَرُعَافٌ دَائِمٌ) أَيْ مُتَتَابِعٌ هُوَ وَالْإِسْهَالُ مِنْ الْمَخُوفِ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُفْضِي مِثْلُهُ فِيهِ عَادَةً كَثِيرًا إلَى الْمَوْتِ وَلَا يُضْبَطُ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِسْهَالِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ قِوَامُ الْبَدَنِ ح ل وَيَنْفَعُ الرُّعَافَ أَنْ يُكْتَبَ بِدَمِهِ اسْمُ صَاحِبِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَضِمَادُ الْأَنْفِ بِالْعَفْصِ مَلْتُوتًا مَعَ الزَّيْتِ. وَحَاصِلٌ أَنَّ الْمَرَضَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ مَخُوفٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَالْقُولَنْجِ وَقِسْمٌ مَخُوفٌ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً كَالْإِسْهَالِ وَقِسْمٌ مَخُوفٌ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا كَالْفَالِجِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مُتَتَابِعٌ) بِأَنْ زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى إتْيَانِ الْخَلَاءِ ح ل

<<  <  ج: ص:  >  >>