للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُؤْخَذُ خُمُسُ رِقَاعٍ وَيُكْتَبُ عَلَى وَاحِدَةٍ لِلَّهِ، أَوْ لِلْمَصَالِحِ وَعَلَى أَرْبَعٍ لِلْغَانِمِينَ، ثُمَّ تُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مُتَسَاوِيَةٍ وَيُخْرَجُ لِكُلِّ خُمُسٍ رُقْعَةٌ فَمَا خَرَجَ لِلَّهِ، أَوْ لِلْمَصَالِحِ جُعِلَ بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْفَيْءِ، وَيُقْسَمُ مَا لِلْغَانِمِينَ قَبْلَ قِسْمَةِ هَذَا الْخُمُسِ، لَكِنْ بَعْدَ إفْرَازِهِ بِقُرْعَةٍ، كَمَا عُرِفَ

. (وَالنَّفَلُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ إسْكَانِهَا (وَهُوَ زِيَادَةٌ يَدْفَعُهَا الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ) فِي قَدْرِهَا بِقَدْرِ الْفِعْلِ الْمُقَابِلِ لَهَا (لِمَنْ ظَهَرَ مِنْهُ) فِي الْحَرْبِ (أَمْرٌ مَحْمُودٌ) كَمُبَارَزَةٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ (أَوْ يَشْرِطُهَا) بِاجْتِهَادِهِ (لِمَنْ يَفْعَلُ مَا يَنْكِي الْحَرْبِيِّينَ) كَهُجُومٍ عَلَى قَلْعَةٍ وَدَلَالَةٍ عَلَيْهَا وَحِفْظِ مَكْمَنٍ وَتَجَسُّسِ حَالٍ يَكُونُ (مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الَّذِي سَيُغْنَمُ فِي هَذَا الْقِتَالِ، أَوْ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ) فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا سَيَغْنَمُ فَيَذْكُرُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي جُزْءًا كَرُبُعٍ وَثُلُثٍ، وَتُحْتَمَلُ فِيهِ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ شُرِطَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا. وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ النَّفَلِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ) عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا (لِلْغَانِمِينَ) أَخْذًا مِنْ الْآيَةِ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِيهَا بَعْدَ الْإِضَافَةِ إلَيْهِمْ عَلَى إخْرَاجِ الْخُمُسِ (وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ، وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ) ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ (بِنِيَّتِهِ) أَيْ: الْقِتَالِ (وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، أَوْ) حَضَرَ (لَا بِنِيَّتِهِ وَقَاتَلَ كَأَجِيرٍ لِحِفْظِ أَمْتِعَةٍ وَتَاجِرٍ وَمُحْتَرِفٍ) ؛ لِشُهُودِهِ الْقِتَالَ فِي الْأُولَى؛ وَلِقِتَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأُلْحِقَ بِهِمَا جَاسُوسٌ وَكَمِينٌ وَمَنْ أُخِّرَ مِنْهُمْ لِيَحْرُسَ الْعَسْكَرَ مِنْ هُجُومِ الْعَدُوِّ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ، وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ، وَلَا لِمَنْ حَضَرَهُ وَانْهَزَمَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ وَلَمْ يَعُدْ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، فَإِنْ عَادَ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُحْرَزِ بَعْدَ عَوْدِهِ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ مَنْ حَضَرَ فِي الْأَثْنَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: خَمْسُ رِقَاعٍ) ذِكْرُ الْقُرْعَةِ هُنَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَيْءِ؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ حَاضِرُونَ فَهُمْ كَالشُّرَكَاءِ الْحَقِيقِيَّةِ بِخِلَافِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ غَائِبُونَ بِرْمَاوِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ.

أَيْ: فَلَا إقْرَاعَ فِيهِ بَلْ الرَّأْيُ فِيهِ لِلْإِمَامِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيُّ وَعِبَارَتُهُ سَبَبُهُ أَنَّ الْغَانِمِينَ هُنَا مَالِكُونَ لِلْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ مَحْصُورُونَ وَيَجِبُ دَفْعُهَا لَهُمْ حَالًا كَمَا يَأْتِي فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ الْقَاطِعَةُ لِلنِّزَاعِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَأَمَّا الْفَيْءُ فَأَمْرُهُ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَلَا مَالِكٌ فِيهِ مُعَيَّنٌ فَلَمْ يَكُنْ لِلْقُرْعَةِ فِيهِ مَعْنًى اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقْسَمُ مَا لِلْغَانِمِينَ قَبْلَ إلَخْ) أَيْ: نَدْبًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِسْمَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَأْخِيرُهَا بِلَا عُذْرٍ إلَى الْعَوْدِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَكْرُوهٌ بَلْ يَحْرُمُ إنْ طَلَبُوا تَعْجِيلَهَا وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ

[تَعْرِيف النَّفَلُ]

(قَوْلُهُ: وَالنَّفَلُ إلَخْ) وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَخُمُسُهُ كَفَيْءٍ وَالنَّفَلُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بِاعْتِرَاضِهَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ لِلْغَانِمِينَ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَخُمُسُهُ كَخُمُسِ الْفَيْءِ. (قَوْلُهُ بِاجْتِهَادِهِ فِي قَدْرِهَا) وَإِنْ زَادَ عَلَى السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ ع ن. (قَوْلُهُ يَنْكِي) مِنْ بَابِ رَمَى كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَكْمَنُ بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ) وَقِيلَ: مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَقِيلَ: مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَاصِلِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الَّذِي سَيَغْنَمُ. (قَوْلُهُ: فِي النَّوْعِ الثَّانِي) أَيْ: قَوْلُهُ: أَوْ بِشَرْطِهَا إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: كَرُبْعٍ) أَيْ: رُبْعِ خُمُسِ الْخُمُسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مَعْلُومًا) هَذَا وَاضِحٌ فِي النَّوْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ حَيْثُ جَعَلْتُمْ الْعَقَارَ فِي الْغَنِيمَةِ كَالْمَنْقُولِ وَفِي الْفَيْءِ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهِ وَوَقْفِهِ، أَوْ بَيْعِهِ وَقِسْمَةِ ثَمَنِهِ، أَوْ غَلَّتِهِ. قُلْت أُجِيبَ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ حَصَلَتْ بِكَسْبِهِمْ وَفِعْلِهِمْ فَمَلَكُوهَا بِخِلَافِ الْفَيْءِ فَإِنَّهُ إحْسَانٌ جَاءَ إلَيْهِمْ مِنْ خَارِجٍ فَكَانَتْ الْخِيرَةُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ سم مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: لِلْغَانِمِينَ) فِيهِ تَلْوِيحٌ بِمُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ تَخْيِيرِ الْإِمَامِ بَيْنَ قِسْمَتِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ وَوَقْفِهَا ز ي. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِضَافَةِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ مِلْكًا لَهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: النِّسْبَةُ إلَيْهِمْ تَقْتَضِي الْمِلْكَ. (قَوْلُهُ: مَنْ حَضَرَ) وَلَوْ مُكْرَهًا عَلَى الْحُضُورِ. (قَوْلُهُ بِنِيَّتِهِ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ يُرْضَخُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الزَّمِنَ وَالْأَعْمَى وَالْأَقْطَعَ يُرْضَخُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: كَأَجِيرٍ) أَيْ: إذَا قَاتَلَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَجِيرَ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ وَالتَّاجِرَ وَالْمُحْتَرِفَ يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا وَعِبَارَةُ بِرْمَاوِيٍّ كَأَجِيرٍ أَيْ: إجَارَةِ عَيْنٍ أَمَّا أَجِيرُ الذِّمَّةِ فَيُعْطَى وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ لِإِمْكَانِ الْتِزَامِهِ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ وَيَتَفَرَّغُ لِلْجِهَادِ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِفَسَادِ إجَارَتِهِ وَلَا رَضْخَ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْطَى السَّلَبُ لِعُمُومِ حَدِيثِهِ اهـ. مُلَخَّصًا.

وَإِعْطَاءُ أَجِيرِ الذِّمَّةِ مَعَ عَدَمِ قِتَالِهِ وَعَدَمِ نِيَّتِهِ لَهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ مُشْكِلٌ فَلْيُحَرَّرْ. وَإِنَّمَا فَسَدَتْ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الصَّفِّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ إجَارَةِ الذِّمَّةِ الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى عَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيُعْطَى وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ وَيَحْضُرَ. (قَوْلُهُ وَانْهَزَمَ) خَرَجَ بِقَيْدٍ مَلْحُوظٍ تَقْدِيرُهُ وَلَمْ يَنْهَزِمْ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَحَرِّفٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>