للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ، وَالْفِيلَةُ كَالنَّعَمِ فِي الْوَسْمِ وَكَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ فِي مَحَلِّهِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَيُّهَا أَلْطَفُ وَسْمًا (وَحَرُمَ) الْوَسْمُ (فِي الْوَجْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ وَقَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَالْوَسْمُ فِي نَعَمِ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ، أَوْ طُهْرَةٌ، أَوْ لِلَّهِ وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى، وَفِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ، أَوْ صَغَارٌ وَفِي نَعَمِ بَقِيَّةِ الْفَيْءِ فَيْءٌ

(فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا، كَمَا فِي قَوْلِي (الصَّدَقَةُ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ؛ لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُحَرِّمُهَا كَأَنْ يُعْلَمَ مِنْ آخِذِهَا أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) بِمَالٍ، أَوْ كَسْبٍ، وَلَوْ لِذِي قُرْبَى لَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى غَنِيٍّ» وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ، أَوْ سَأَلَ، بَلْ يَحْرُمُ سُؤَالُهُ أَيْضًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِغَيْرِ الْوَسْمِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ ع ن قَوْلُهُ: فَوَسْمُهُ مُبَاحٌ أَيْ: إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ. (قَوْلُهُ وَالْخَيْلُ إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْفَيْءِ. (قَوْلُهُ كَالنَّعَمِ فِي الْوَسْمِ) أَيْ: فَهُوَ فِيهَا سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ أَفْخَاذُهَا. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى النَّظَرُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ: وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَسْمَ الْحَمِيرِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْخَيْلِ وَوَسْمَ الْخَيْلِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْبِغَالِ وَوَسْمَ الْبِغَالِ أَلْطَفُ مِنْ وَسْمِ الْفِيلَةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: فِي أَيُّهَا أَلْطَفُ) أَيْ: فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ إلَخْ) وَجَازَ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ لِمُعَيَّنٍ، وَلَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ كَالْجَمَادِ نَعَمْ يَجُوزُ لَعْنُ كَافِرٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، [فَائِدَتُهُ]

مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ شَتَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً مِنْ شَرْحُ م ر مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَعَنَهُ بِأَنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «اللَّهُمَّ إنِّي اتَّخَذْت عِنْدَك عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَهُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ، أَوْ شَتَمْتُهُ، أَوْ جَلَدْته، أَوْ لَعَنْته فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَدِّسُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (قَوْلُهُ: زَكَاةً إلَخْ) أَيْ: لَفْظٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يُسَمِّيَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبْرَكُ) وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَعُّكِهَا فِي النَّجَاسَةِ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَتَمَرَّغُ عَلَى النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَصْدَ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ بِالْقُرْآنِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِ بِلَا طُهْرٍ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ كَوْنَ الْغَرَضِ التَّمْيِيزَ لَا يُخْرِجُ لَفْظَ الْجَلَالَةِ عَنْ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْفَيْءِ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ بَعْضُ الْفَيْءِ.

[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

. (فَصْلٌ: فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) اُسْتُشْكِلَ إضَافَةُ الصَّدَقَةِ لِلتَّطَوُّعِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ الْمُرَادِفُ لِلسُّنَّةِ وَالْإِخْبَارُ عَنْهَا بِسُنَّةٍ بِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ صَدَقَةُ السُّنَّةِ سُنَّةٌ وَلِهَذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِهِ: الصَّدَقَةُ سُنَّةٌ، وَأُجِيبَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّطَوُّعِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَبِالسُّنَّةِ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ ز ي وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَدَقَةُ غَيْرِ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) وَوَرَدَ «أَنَّ الشَّخْصَ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ» اهـ. (قَوْلُهُ وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ بِمَالٍ) أَيْ: يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ م ر خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ مَنْ مَلَكَ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ وَهُوَ حَجّ ح ل وَالْمُرَادُ بِحِلِّهَا لَهُ سَنُّهَا، أَوْ الْمُرَادُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا لِخَبَرِ «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ) وَالْمُتَصَدِّقُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ب ر تَمَامُهُ كَمَا فِي م ر «فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ» . (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا) وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَالُهُ، أَوْ كَسْبُهُ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِكَسْبٍ حَرَامٍ، أَوْ غَيْرِ لَائِقٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا) وَمَعَ حُرْمَةِ الْأَخْذِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ أَيْ: فِيمَا لَوْ سَأَلَ أَمَّا لَوْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَظَنَّهُ الدَّافِعُ مُتَّصِفًا بِهَا لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ؛ إذْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ إلَّا عَلَى ظَنِّ الْفَاقَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَمَنْ أُعْطِيَ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا، وَلَوْ عُلِمَ لَمْ يُعْطَ لَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ اهـ. وَكَذَا لَوْ أُعْطِيَ حَيَاءً، أَوْ لِخَوْفٍ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ وَمِثْلُهُ م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ) كَأَنْ يَقُولَ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أَتَقَوَّتُ بِهِ، أَوْ لَمْ آكُلْ اللَّيْلَةَ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ عِنْدِي ح ل وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ لِمَنْ يَعْرِفُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ سَأَلَ) ، وَلَوْ بِلِسَانِ حَالِهِ ب ر. (قَوْلُهُ بَلْ يَحْرُمُ سُؤَالُهُ) وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَا لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>