للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الزَّوْجَيْنِ (فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ) دُونَ الزَّوْجَةِ (بِهِ فُسِخَ) النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ نِكَاحِهِ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ دَخَلَ) بِهَا (وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) ؛ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ وَقَوْلِي: فُسِخَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ فَلَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ. وَتَعْبِيرِي بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفِسْقِ (أَوْ) أَقَرَّتْ (الزَّوْجَةُ) دُونَ الزَّوْجِ (بِخَلَلٍ فِي وَلِيٍّ، أَوْ شَاهِدٍ) كَفِسْقٍ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي، فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ فَلَا مَهْرَ لِإِنْكَارِهَا، أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ. وَخَرَجَ بِالْخَلَلِ فِيمَنْ ذُكِرَ غَيْرُهُ، كَمَا لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ: وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِهِمَا فَتَحْلِفُ هِيَ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ النَّصِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ.

(وَسُنَّ إشْهَادٌ عَلَى رِضَا مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) بِالنِّكَاحِ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ الْإِشْهَادُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ، وَرِضَاهَا الْكَافِي فِي الْعَقْدِ يَحْصُلُ بِإِذْنِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ، أَوْ عَكْسِهِ. وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمُجْبَرَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَعْتَبِرُ رِضَاهَا

(فَصْلٌ)

فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (لَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا) ، وَلَوْ بِإِذْنٍ إيجَابًا كَانَ، أَوْ قَبُولًا لَا لِنَفْسِهَا وَلَا لِغَيْرِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْإِقْرَارِ فِي إبْطَالِهِ حِينَئِذٍ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي إبْطَالِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قِيَاسٌ أَدْوَنُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الزَّوْجَيْنِ) أَمَّا فِي حَقِّهِمَا فَيُقْبَلُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَهُ أَثَرٌ فِي حَقِّهِمَا فَلَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا مَثَلًا، ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَسَدَ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَيْ: إنْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى، أَوْ مِثْلَهُ لَا أَكْثَرَ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّهُمَا أَوْجَبَا بِإِقْرَارِهِمَا حَقًّا لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ: بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فُرِّقَ) أَوَّلَهُ السُّبْكِيُّ بِالْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ: فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا لَكِنَّ تَعْبِيرُهُ هُنَا بِفُسِخَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَاسِخٍ، وَأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ح ل بَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ غَيْرِ فَاسِخٍ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ فَلَوْ قَالَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لَكَانَ أَوْلَى بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ لَا فِي عَدَمِ نَقْصِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الرَّضَاعِ؛ إذْ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ) أَيْ: الْعَائِدِ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي بِهِ. (قَوْلُهُ: بِخَلَلٍ فِي وَلِيٍّ أَوْ شَاهِدٍ) هَلَّا قَالَ بِهِ أَيْ: بِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا ذُكِرَ لَشَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ: وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِهِمَا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَحْلِفُ عَلَى كَلَامِهِ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْآتِي مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ يَحْلِفُ فِي هَذِهِ أَيْضًا يَكُونُ قَوْلُهُ بِهِ صَوَابًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا) لَكِنْ لَوْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَتْ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا مَهْرَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مَحْجُورَةَ سَفَهٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ لِفَسَادِ إقْرَارِهَا فِي الْمَالِ، وَالْأَمَةُ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَسُقُوطُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ أَيْ: لِأَنَّهَا تُقِرُّ لَهُ بِهِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ خ ط. (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ هِيَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ شَوْبَرِيٌّ.

فَيَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ز ي. (قَوْلُهُ: مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ إلَخْ) نَعَمْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُزَوِّجُ هُوَ الْحَاكِمُ لَمْ يُبَاشِرْهُ إلَّا إنْ ثَبَتَ إذْنُهَا عِنْدَهُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَهُ بِأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي يُؤَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ اعْتِمَادُ صَبِيٍّ أَرْسَلَهُ الْوَلِيُّ لِغَيْرِهِ لِيُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي عَقْدِهِ بِمَسْتُورَيْنِ؛ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ شَرْحُ حَجّ وَمِثْلُهُ م ر. (قَوْلُهُ الْكَافِي فِي الْعَقْدِ) أَيْ: فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَيِّنَةٍ) يَنْبَغِي، أَوْ إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَلَوْ فَاسِقًا، أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا ح ل. (قَوْلُهُ وَلِيِّهَا) أَيْ: أَوْ وَكِيلِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا) مُعْتَمَدٌ.

[فَصْلٌ فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

[دَرْسٌ] . (فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ) أَيْ: ثُبُوتًا وَنَفْيًا. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ: كَالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ مِنْ نُطْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر أَيْ: مَعَ تَزْوِيجِ السُّلْطَانِ فِي حَالَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَعَضْلِهِ. (قَوْلُهُ: لَا تَعْقِدُ امْرَأَةٌ نِكَاحًا) أَيْ: لَا يَكُونُ لَهَا دَخْلٌ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ أَحَدُ شِقَّيْهِ أَيْ: الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ قَالَ ح ل إلَّا إذَا وَلِيَتْ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ غَيْرَهَا لَا نَفْسَهَا، كَمَا أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَعْقِدُ لَهُ مَأْذُونُهُ مِنْ الْوُلَاةِ فَهَذِهِ أَوْلَى، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَوَانِعِ أَيْ: مِنْ الرِّقِّ وَغَيْرِهِ إلَّا الْكُفْرَ فَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّاهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُ بِهَا مُسْلِمَةً. (قَوْلُهُ: لَا لِنَفْسِهَا) أَيْ: إيجَابًا وَلَا لِغَيْرِهَا قَبُولًا وَإِيجَابًا ح ل فَلَوْ خَالَفَتْ وَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ أَمْ لَا، أَوْ وَكَّلَتْ مَنْ يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>